دليل، وتخريج المناط إقامة الدليل، وكل من الدليل، وإقامته يصح أن ينسب إليه الثبوت المطلوب، لأن الدليل يثبت المطلوب بواسطة النظر وإقامة الدليل الذي هو النظر فيه يثبت المطلوب، فهما كالشيء الواحد، فيصح إطلاق المسلك على كل منهما"[1].
وأما في الاصطلاح فهي كما عند ابن الحاجب "تعيين العلة بمجرد إبداء المناسبة من ذاته لا بنص، ولا غيره كالإسكار في التحريم، والقتل العمد العدوان في القصاص"[2].
قال العضد: "وحاصله تعيين العلة في الأصل بمجرد إبداء المناسبة بينها وبين الحكم من ذات الأصل لا بنص ولا بغيره، كالإسكار للتحريم، فإن النظر في المسكر وحكمه، ووصفه، يعلم منه كون الإسكار مناسباً لشرع التحريم، وكالقتل العمد العدوان، فإنه بالنظر إلى ذاته مناسب لشرع القصاص"[3].
واعترض عليه بأن إبداء الملاء مة إنما هو من ذات الوصف، قاله البدخشي، وأجاب عنه بأن "قوله من ذات الأصل من سبق القلم، أو مراده بالأصل الوصف على ما قيل: إن العلة أصل في الفرع، فرع في الأصل.
قال الفاضل: "وظاهر قوله فإن النظر في المسكر ... الخ، أنه أراد بالأصل ما هو المتعارف وقصد أن النظر ذاته باعتبار ماله من الوصف والحكم يفضي إلى تعيين العلة"[4].
وأما ابن السبكي فقد عبر عن هذا المسلك بما نصه: "المناسبة والإخالة، ويسمى استخراجها تخريج المناط، وهو تعيين العلة بإبداء المناسبة مع الاقتران، والسلامة عن القوادح"[5]، فالمناسبة عنده تفيد العلية بالاستناد إلى ثلاثة أمور: [1] الآيات البينات للعبادي 4/85. [2] انظر: المختصر مع شرحه 2/239، والمنتهى ص 133. [3] انظر: المصدر السابق 2/239. [4] انظر: منهاج العقول مع نهاية السول 3/50. [5] انظر: جمع الجوامع مع شرحه وحاشية العطار 2/316-317.