الباب الأول: في المناسبة وتعريف المناسب
الفصل الأول: في تعريف المناسبة.
...
الفصل الأول في تعريف المناسبة
لما كان المناسب مشتقاً من المناسبة، كان من المناسب أن نبدأ بتعريف المناسبة أولاً، ثم بإقامة الدليل على اعتبارها، ثم نتبع ذلك بتعريف المناسب لذا أقول:
تعريف المناسبة:
هي في اللغة الملاءمة والمقاربة[1]، ومن هنا اعتبرها الأصوليون من طرق إثبات العلية، فسموها بمسك المناسبة، والمناسبة هي الوصف المعلل به الحكم، كما سيأتي.
ويسمى بالإخالة، لأنه بالنظر إلى الوصف يخال أي يظن عليته للحكم.
ويسمى بتخريج المناط، لأنه إبداء مناط الحكم، والمناط العلة التي نيط الحكم بها، أي علق، وأصل المناط مكان النوط، أي التعليق، ومنه قول الشاعر:
بلاد بها نيطت علي تمائم ... وأول أرض مس جلدي ترابها2
وسمي استخراج المناط بتخريج المناط، لأنه استخراج ما نيط به الحكم، وسمي الوصف بالمناط، لأنه موضوع له[3].
ولا مخالفة، إذ يصح إطلاق المسلك على كل من المناسبة، وتخريج المناط "لأن المراد بالمسلك ما يثبت العلية، وإثبات العلية يصح بكل منهما، لأن المناسبة [1] انظر: القاموس المحيط 4/175.
2 انظر: لسان العرب 9/296، وهو للرقاع بن قيس الأسدي. [3] المختصر مع شرحه 2/238-239، ومنهاج العقول مع نهاية السول 3/50، ومنتهى الوصول ص 133، البحر المحيط 3/150 خ، نشر البنود 2/170-171، وإملاء الشيخ محمد الأمين على مراقي السعود دفتر 3/24.