غير أن ما ذكره من أن ذكر طيب الثمرة ليس بإشارة إلى العلة، بل إلى عدم المانع لعدم نجاسة الثمرة، يرد عليه أنه لو كان الأمر كذلك، لاطرد ما ذكره في باقي الطاهرات الطيبة إذا خالطت الطهور، لكن الواقع خلافه، فلو اختلط الطهور بغيره من الثمار الطيبة فإنه لا يبقى على طهوريته.
فالذي أراه أن العلة في بقاء طهورية الماء هي خصوصية ما ذكر في المثال من ذكر الشارع وصفاً في محل حكم الخ، وهو كون المخالط ثمرة طيبة، والله تعالى أعلم.
3 - أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن حكم شيء فيسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن وصف له فإذا أجاب عنه المسئول أقره عليه، ثم يذكر بعده الحكم كما في قوله صلى الله عليه وسلم حين سئل عن جواز بيع الرطب بالتمر: "أينقص الرطب إذا جف؟ " قيل: نعم، قال: "فلا إذن" [1]، فلو لم يكن نقصانه باليبس علة في المنع من البيع للتقرير عليه لما كان لسؤال النبي صلى الله عليه وسلم فائدة.
وكون التعليل في هذا المثال يفهم أيضاً من الترتيب بالفاء، ومن إذن لا ينافي ذلك؛ لأنه لو قدر انتفاؤهما بأن فرض أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يجوز" لبقي التعليل إذ لو لم يكن للتعليل، لكان السؤال عنه غير مفيد[2].
4 - أن يعدل في بيان الحكم إلى نظيره لمحل السؤال، وذلك كما في حديث "الصحيحين" أن امرأة قالت: "يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر، أفأصوم عنها؟ قال: "أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه، أكان يؤدي ذلك عنها؟ " قالت نعم، قال: "فصومي عن أمك"، أي فإنه يؤدي عنها[3].
سألته عن دين الله على الميت وجواز قضائه عنه، فذكر لها دين الآدمي عليه، وقررها على جواز قضائه عنه وهما نظيران فلو لم يكن جواز القضاء فيهما لعلية [1] أخرجه أبو داود 2/225. [2] انظر: المحصول ص 304 -خ-، الأحكام للآمدي 3/237-238. [3] انظر: أصله في صحيح مسلم 3/155-156.