حضر معه خلق كثير لم يسمعوا خطبته في المدينة - وهم في أمسِّ الحاجة إلى البيان - فلو قلنا في هذه المسألة: بأن المطلق محمول على المقيد، وأنه لا يجوز لبس الخف إلا مع القطع، لكان في ذلك تأخير البيان عن وقت الحاجة وهو لا يجوز، ومن هنا قال الإمام أحمد[1] ومن تابعه أن القطع المأمور به في المدينة منسوخ بإطلاق اللبس بدون قطع في عرفات[2]، وهذا الشرط وإن لم يذكره الشوكاني إلا أنه متفق عليه، لأن حمل المطلق على المقيد بيان عند الجمهور والبيان لا يحوز تأخيره عن وقت العمل، وأما على مذهب الحنفية، فلأنه عند العلم بتأخر أحدهما يكون المتأخر ناسخاً للمتقدم إذا تساوى معه في قوة الدلالة والثبوت. [1] الإمام أحمد هو: أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الوائلي، ولد سنة 164 وهو إمام المذهب الحنبلي وأحد الإئمة الأربعة، وتعرض للتعذيب أيام العباسيين لامتناعه عن القول بخلق القرآن، من مؤلفاته مسنده العظيم، توفي رحمه الله سنة 241هـ.
الأعلام 1/192، والبداية والنهاية لابن كثير 10/325 ط الثالثة مكتبة المعارق بيروت، وطبقات الحنابلة للقاضي أبي يعلى 1/4، الناشر دار المعرفة بيروت. [2] بدائع الفوائد لابن قيم الجوزية 3/250، والقواعد الأصولية لابن اللحام ص: 284.