responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 376
ظَنٍّ لَوْ انْفَرَدَ بِنَفْسِهِ لَوَجَبَ اتِّبَاعُهُ؟ وَهَلَّا قَضَيْتُمْ بِالتَّخْيِيرِ أَوْ التَّوَقُّفِ قُلْنَا: كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَرِدَ التَّعَبُّدُ بِالتَّسْوِيَةِ بَيْنَ الظَّنَّيْنِ وَإِنْ تَفَاوَتَا، لَكِنَّ الْإِجْمَاعَ قَدْ دَلَّ عَلَى خِلَافِهِ عَلَى مَا عُلِمَ مِنْ السَّلَفِ فِي تَقْدِيمِ بَعْضِ الْأَخْبَارِ عَلَى بَعْضٍ لِقُوَّةِ الظَّنِّ بِسَبَبِ عِلْمِ الرُّوَاةِ وَكَثْرَتِهِمْ وَعَدَالَتِهِمْ وَعُلُوِّ مَنْصِبِهِمْ؛
فَلِذَلِكَ قَدَّمُوا خَبَرَ أَزْوَاجِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَى غَيْرِهِنَّ مِنْ النِّسَاءِ وَقَدَّمُوا خَبَرَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ عَلَى خَبَرِ مَنْ رَوَى «لَا مَاءَ إلَّا مِنْ الْمَاءِ» وَخَبَرَ مَنْ رَوَتْ مِنْ أَزْوَاجِهِ أَنَّهُ كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا عَلَى مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ «مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فَلَا صَوْمَ لَهُ» وَكَمَا قَوَّى عَلِيٌّ خَبَرَ أَبِي بَكْرٍ فَلَمْ يُحَلِّفْهُ وَحَلَّفَ غَيْرَهُ وَقَوَّى أَبُو بَكْرٍ خَبَرَ الْمُغِيرَةِ فِي مِيرَاثِ الْجَدَّةِ لَمَّا رَوَى مَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَقَوَّى عُمَرُ خَبَرَ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فِي الِاسْتِئْذَانِ بِمُوَافَقَةِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ فِي الرِّوَايَةِ، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَكْثُرُ تَتَبُّعُهُ.
وَكَذَلِكَ إذَا غَلَب عَلَى الظَّنِّ كَوْنُ الْفَرْعِ أَشْبَهَ بِأَحَدِ الْأَصْلَيْنِ وَجَبَ اتِّبَاعُهُ بِالْإِجْمَاعِ فَقَدْ فُهِمَ مِنْ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ أَنَّهُمْ تَعَبَّدُوا بِمَا هُوَ عَادَةٌ لِلنَّاسِ فِي حِرَاثَتِهِمْ وَتِجَارَتِهِمْ وَسُلُوكِهِمْ الطُّرُقَ الْمَخُوفَةَ، فَإِنَّهُمْ عِنْدَ تَعَارُضِ الْأَسْبَابِ الْمَخُوفَةِ يُرَجِّحُونَ وَيَمِيلُونَ إلَى الْأَقْوَى. فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ لَمْ تُرَجِّحُوا فِي الشَّهَادَةِ بِالْكَثْرَةِ وَقُوَّةِ غَلَبَةِ الظَّنِّ بَلْ يُقْضَى بِالتَّعَارُضِ عِنْدَ تَنَاقُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ؟ قُلْنَا: لِأَنَّ أَهْلَ الْإِجْمَاعِ لَمْ يُرَجِّحُوا فِي الشَّهَادَةِ وَقَدْ رَجَّحُوا فِي الرِّوَايَةِ، وَسَبَبُهُ أَنَّ بَابَ الشَّهَادَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّعَبُّدِ حَتَّى لَوْ أَتَى عَشَرَةٌ بِلَفْظِ الْإِخْبَارِ دُونَ الشَّهَادَةِ لَمْ تُقْبَلْ وَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ مِائَةِ امْرَأَةٍ وَلَا مِائَةِ عَبْدٍ عَلَى بَاقَةِ بَقْلٍ. هَذِهِ هِيَ الْمُقَدِّمَاتُ.

[الْبَابُ الْأَوَّلُ فِيمَا تُرَجَّحُ بِهِ الْأَخْبَارُ]
اعْلَمْ أَنَّ التَّعَارُضَ هُوَ التَّنَاقُضُ، فَإِنْ كَانَ فِي خَبَرَيْنِ فَأَحَدُهُمَا كَذِبٌ وَالْكَذِبُ مُحَالٌ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي حُكْمَيْنِ مِنْ أَمْرٍ وَنَهْيٍ وَحَظْرٍ وَإِبَاحَةٍ فَالْجَمْعُ تَكْلِيفٌ مُحَالٌ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا كَذِبًا أَوْ يَكُونَ مُتَأَخِّرًا نَاسِخًا، وَإِمْكَانُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا بِالتَّنْزِيلِ عَلَى حَالَتَيْنِ كَمَا إذَا قَالَ: الصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَى أُمَّتِي الصَّلَاةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ عَلَى أُمَّتِي؛ فَنَقُولُ: أَرَادَ بِالْأَوَّلِ الْمُكَلَّفِينَ وَأَرَادَ بِالثَّانِي الصِّبْيَانَ وَالْمَجَانِينَ أَوْ فِي حَالَتَيْ الْعَجْزِ وَالْقُدْرَةِ أَوْ فِي زَمَنٍ دُونَ زَمَنٍ. وَإِنْ عَجَزْنَا عَنْ الْجَمْعِ وَعَنْ مَعْرِفَةِ الْمُتَقَدِّمِ وَالْمُتَأَخِّرِ رَجَّحْنَا وَأَخَذْنَا بِالْأَقْوَى.
وَتَقَوِّي الْخَبَرِ فِي نُفُوسِنَا بِصِدْقِ الرَّاوِي وَصِحَّتِهِ، وَتَضْعِيفُ الْخَبَرِ فِي نُفُوسِنَا إمَّا بِاضْطِرَابٍ فِي مَتْنِهِ أَوْ بِضَعْفٍ فِي سَنَدِهِ أَوْ بِأَمْرٍ خَارِجٍ مِنْ السَّنَدِ وَالْمَتْنِ؛ أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِالسَّنَدِ وَالْمَتْنِ فَسَبْعَةَ عَشَرَ:
الْأَوَّلُ سَلَامَةُ مَتْنِ أَحَدِ الْخَبَرَيْنِ عَنْ الِاخْتِلَافِ وَالِاضْطِرَابِ دُونَ الْآخَرِ فَسَلَامَتُهُ مُرَجِّحَةٌ فَإِنَّ مَا لَا يَضْطَرِبُ فَهُوَ بِقَوْلِ الرَّسُولِ أَشْبَهُ، فَإِنْ انْضَافَ إلَى اضْطِرَابِ اللَّفْظِ اضْطِرَابُ الْمَعْنَى كَانَ أَبْعَدَ عَنْ أَنْ يَكُونَ قَوْلَ الرَّسُولِ فَيَدُلُّ عَلَى الضَّعْفِ وَتَسَاهُلِ الرَّاوِي فِي الرِّوَايَةِ. فَإِنْ قِيلَ: فَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ رِوَايَةُ الزِّيَادَةِ فِي مَتْنِ الْحَدِيثِ اضْطِرَابًا يُوجِبُ اطِّرَاحَهُ.
قُلْنَا: لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى خَبَرَيْنِ مُنْفَصِلَيْنِ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ مُحَدِّثٌ بِكَثْرَةِ الِانْفِرَادِ بِالرِّوَايَةِ عَنْ الْحُفَّاظِ فَيَجُوزُ أَنْ يُقَدَّمَ خَبَرُ غَيْرِهِ عَلَى خَبَرِهِ.
الثَّانِي اضْطِرَابُ السَّنَدِ بِأَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِهِمَا ذِكْرُ رِجَالٍ تَلْتَبِسُ أَسْمَاؤُهُمْ وَنُعُوتُهُمْ وَصِفَاتُهُمْ بِأَسْمَاءِ قَوْمٍ ضُعَفَاءَ وَصِفَاتِهِمْ بِحَيْثُ يَعْسُرُ التَّمْيِيزُ.
الثَّالِثُ أَنْ يَرْوِيَ أَحَدُهُمَا فِي تَضَاعِيفِ قِصَّةٍ مَشْهُورَةٍ مُتَدَاوَلَةٍ بَيْنَ أَهْلِ النَّقْلِ وَمُعَارِضُهُ قَدْ

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 376
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست