responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 367
وَفِي حَقِّ زَيْدٍ بِخِلَافِ مَا فِي حَقِّ عَمْرٍو فَمَا قَوْلُكُمْ فِيهِ لَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ؟ أَلَيْسَ ذَلِكَ جَائِزًا؟
فَكَذَلِكَ إذَا اجْتَمَعَ دَلِيلَانِ عَلَيْهِ عِنْدَنَا كَمَا فِي الْحِقَاقِ وَبَنَاتِ اللَّبُونِ يَجُوزُ أَنْ يُشِيرَ بِإِشَارَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ فَيَأْمُرَ زَيْدًا بِبَنَاتِ اللَّبُونِ وَعَمْرًا بِالْحِقَاقِ وَعَلَى الْجُمْلَةِ يَجُوزُ أَنْ يُغَايِرَ أَمْرُ الْحُكْمِ أَمْرَ الْفَتْوَى لِمَصْلَحَةِ الْحُكْمِ كَمَا لَوْ تَغَيَّرَ الِاجْتِهَادُ فَإِنَّهُ لَا يَنْقُضُ الْحُكْمَ الْمَاضِيَ وَيَحْكُمُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ بِالِاجْتِهَادِ الثَّانِي، وَكَذَلِكَ الْمُجْتَهِدُ فِي الْقِبْلَةِ إذَا تَعَارَضَ عِنْدَهُ دَلِيلَانِ فِي جِهَتَيْنِ وَالصَّلَاةُ لَا تَقْبَلُ التَّأْخِيرَ وَلَا مُجْتَهِدَ يُقَلِّدُ فَهَلْ لَهُ سَبِيلٌ إلَّا أَنْ يَتَخَيَّرَ إحْدَى الْجِهَتَيْنِ فَيُصَلِّيَ إلَى أَيِّ الْجِهَتَيْنِ شَاءَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْدِلَ إلَى الْجِهَتَيْنِ الْبَاقِيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ دَلَّ اجْتِهَادُهُ عَلَى أَنَّ الْقِبْلَةَ لَيْسَتْ فِيهِمَا، فَهَذِهِ أُمُورٌ لَوْ وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهَا مِنْ الشَّارِعِ كَانَ مَقْبُولًا وَمَعْقُولًا وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْمَمْلُوكَتَيْنِ: " أَحَلَّتْهُمَا آيَةٌ وَحَرَّمَتْهُمَا آيَةٌ "

[مَسْأَلَةٌ فِي نَقْضِ الِاجْتِهَادِ]
ِ. الْمُجْتَهِدُ إذَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى أَنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ فَنَكَحَ امْرَأَةً خَالَعَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ لَزِمَهُ تَسْرِيحُهَا وَلَمْ يَجُزْ لَهُ إمْسَاكُهَا عَلَى خِلَافِ اجْتِهَادِهِ وَلَوْ حَكَمَ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ حَاكِمٌ بَعْدَ أَنْ خَالَعَ الزَّوْجُ ثَلَاثًا ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَلَمْ يُنْقَضْ اجْتِهَادُهُ السَّابِقُ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ لِمَصْلَحَةِ الْحُكْمِ، فَإِنَّهُ لَوْ نُقِضَ الِاجْتِهَادُ لَنُقِضَ النَّقْضُ أَيْضًا وَلَتَسَلْسَلَ فَاضْطَرَبَتْ الْأَحْكَامُ وَلَمْ يُوثَقْ بِهَا.
أَمَّا إذَا نَكَحَ الْمُقَلِّدُ بِفَتْوَى مُفْتٍ وَأَمْسَكَ زَوْجَتَهُ بَعْدَ دَوْرِ الطَّلَاقِ وَقَدْ نَجَّزَ الطَّلَاقَ بَعْدَ الدَّوْرِ ثُمَّ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُ الْمُفْتِي فَهَلْ عَلَى الْمُقَلِّدِ تَسْرِيحُ زَوْجَتِهِ؟ هَذَا رُبَّمَا يُتَرَدَّدُ فِيهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَجِبُ تَسْرِيحُهَا كَمَا لَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُ مُقَلِّدِهِ عَنْ الْقِبْلَةِ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ يَتَحَوَّلُ إلَى الْجِهَةِ الْأُخْرَى كَمَا لَوْ تَغَيَّرَ اجْتِهَادُهُ فِي نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا حُكْمُ الْحَاكِمِ هُوَ الَّذِي يُنْقَضُ وَلَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُخَالِفَ نَصًّا وَلَا دَلِيلًا قَاطِعًا فَإِنْ أَخْطَأَ النَّصَّ نَقَضْنَا حُكْمَهُ، وَكَذَلِكَ إذَا تَنَبَّهْنَا لِأَمْرٍ مَعْقُولٍ فِي تَحْقِيقِ مَنَاطِ الْحُكْمِ أَوْ تَنْقِيحِهِ بِحَيْثُ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ تَنَبَّهَ لَهُ لَعَلِمَ قَطْعًا بُطْلَانَ حُكْمِهِ فَيُنْقَضُ الْحُكْمُ.
فَإِنْ قِيلَ: قَدْ ذَكَرْتُمْ أَنَّ مُخَالِفَ النَّصِّ مُصِيبٌ إذَا لَمْ يُقَصِّرْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ بِحَسَبِ حَالِهِ فَلَمْ يُنْقَضْ حُكْمُهُ. قُلْنَا: نَعَمْ، هُوَ مُصِيبٌ بِشَرْطِ دَوَامِ الْجَهْلِ، كَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ فَحُكْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وُجُوبُ الصَّلَاةِ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مُحْدِثٌ فَحُكْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ تَحْرِيمُ الصَّلَاةِ مَعَ الْحَدَثِ، لَكِنْ عِنْدَ الْجَهْلِ الصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وُجُوبًا حَاصِلًا نَاجِزًا وَهِيَ حَرَامٌ عَلَيْهِ بِالْقُوَّةِ أَيْ هِيَ بِصَدَدِ أَنْ تَصِيرَ حَرَامًا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مُحْدِثٌ، فَمَهْمَا عَلِمَ لَزِمَهُ تَدَارُكُ مَا مَضَى وَكَانَ ذَلِكَ صَلَاةً بِشَرْطِ دَوَامِ الْجَهْلِ وَكَذَلِكَ مَهْمَا بَلَغَ الْمُجْتَهِدَ النَّصُّ نُقِضَ حُكْمُهُ الْوَاقِعُ، فَكَذَلِكَ الْحَاكِمُ الْآخَرُ الْعَالِمُ بِالنَّصِّ يُنْقَضُ حُكْمُهُ.
وَعِنْدَ هَذَا نُنَبِّهُ عَلَى دَقِيقَةٍ، وَهِيَ أَنَّا ذَكَرْنَا أَنَّ اخْتِلَافَ حَالِ الْمُكَلَّفِ فِي الظَّنِّ وَالْعِلْمِ كَاخْتِلَافِ حَالِهِ فِي السَّفَرِ وَالْإِقَامَةِ وَالطُّهْرِ وَالْحَيْضِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ سَبَبًا لِاخْتِلَافِ الْحُكْمِ، لَكِنْ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَهُوَ أَنَّ مَنْ سَقَطَ عَنْهُ وُجُوبٌ لِسَفَرِهِ أَوْ عَجْزِهِ فَلَا يَجِبُ إزَالَةُ سَفَرِهِ وَعَجْزِهِ لِيَتَحَقَّقَ الْوُجُوبُ، وَمَنْ سَقَطَ عَنْهُ لِجَهْلِهِ وَجَبَ إزَالَةُ جَهْلِهِ فَإِنَّ التَّعْلِيمَ وَتَبْلِيغَ حُكْمِ الشَّرْعِ وَتَعْرِيفَ أَسْبَابِهِ وَاجِبٌ
وَكَذَلِكَ نَقُولُ: مَنْ صَلَّى وَعَلَى ثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ لَا يَعْرِفُهَا تَصِحُّ صَلَاتُهُ وَلَا يَقْضِيهَا عَلَى قَوْلٍ، فَمَنْ رَأَى فِي ثَوْبِهِ تِلْكَ النَّجَاسَةَ يَلْزَمُهُ تَعْرِيفُهُ وَلَوْ

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 367
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست