responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 333
خِلَافِ قِيَاسِ الْعِبَادَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَهَلَّ بِإِهْلَالِ زَيْدٍ صَحَّ وَلَا يُعْهَدُ مِثْلُهُ فِي الْعِبَادَاتِ أَمَّا إذَا لَمْ يَرِدْ مَوْرِدَ الِاسْتِثْنَاءِ فَلَا يَخْلُو:
إمَّا أَنْ يَرِد عَلَى الْعِلَّةِ الْمَنْصُوصَةِ أَوْ عَلَى الْمَظْنُونَةِ فَإِنْ وَرَدَ عَلَى الْمَنْصُوصَةِ فَلَا يُتَصَوَّرُ هَذَا إلَّا بِأَنْ يَنْعَطِفَ مِنْهُ قَيْدٌ عَلَى الْعِلَّةِ، وَيَتَبَيَّنُ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ لَمْ يَكُنْ تَمَامَ الْعِلَّةِ مِثَالُهُ قَوْلُنَا: " خَارِجٌ " فَيَنْقُضُ الطَّهَارَةَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ: «الْوُضُوءُ مِمَّا خَرَجَ» ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ لَمْ يَتَوَضَّأْ مِنْ الْحِجَامَةِ فَعَلِمْنَا أَنَّ الْعِلَّةَ بِتَمَامِهَا لَمْ يَذْكُرْهَا، وَأَنَّ الْعِلَّةَ خَارِجٌ مِنْ الْمَخْرَجِ الْمُعْتَادِ فَكَانَ مَا ذَكَرْنَاهُ بَعْضَ الْعِلَّةِ فَالْعِلَّةُ إنْ كَانَتْ مَنْصُوصَةً وَلَمْ يَرِدْ النَّقْضُ مَوْرِدَ الِاسْتِثْنَاءِ لَمْ يُتَصَوَّرْ إلَّا كَذَلِكَ
فَإِنْ لَمْ تَكُنْ كَذَلِكَ فَيَجِبُ تَأْوِيلُ التَّعْلِيلِ إذْ قَدْ يَرِدُ بِصِيغَةِ التَّعْلِيلِ مَا لَا يُرَادُ بِهِ التَّعْلِيلُ لِذَلِكَ الْحُكْمِ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} [الحشر: 2] ثُمَّ قَالَ: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [الحشر: 4] وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ يُشَاقِقُ اللَّهَ يُخْرِبُ بَيْتَهُ فَتَكُونُ الْعِلَّةُ مَنْقُوضَةً وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ عِلَّةٌ فِي حَقِّهِمْ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ هَذَا يُعَدُّ تَهَافُتًا فِي الْكَلَامِ، بَلْ نَقُولُ: تَبَيَّنَ بِآخِرِ الْكَلَامِ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُعَلَّلَ لَيْسَ هُوَ نَفْسُ الْخَرَابِ بَلْ اسْتِحْقَاقُ الْخَرَابِ خَرَّبَ أَوْ لَمْ يُخَرِّبْ أَوْ نَقُولُ:
لَيْسَ الْخَرَابُ مَعْلُولًا بِهَذِهِ الْعِلَّةِ لِكَوْنِهِ خَرَابًا بَلْ لِكَوْنِهِ عَذَابًا وَكُلُّ مَنْ شَاقَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَهُوَ مُعَذَّبٌ إمَّا بِخَرَابِ الْبَيْتِ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَكَلَّفْ مِثْلَ هَذَا كَانَ الْكَلَامُ مُنْتَقِضًا أَمَّا إذَا وَرَدَ عَلَى الْعِلَّةِ الْمَظْنُونَةِ لَا فِي مَعْرِضِ الِاسْتِثْنَاءِ، وَانْقَدَحَ جَوَابٌ عَنْ مَحَلِّ النَّقْضِ مِنْ طَرِيقِ الْإِخَالَةِ إنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ مُخَيَّلَةً أَوْ مِنْ طَرِيقِ الشَّبَهِ إنْ كَانَتْ شَبَهًا فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا لَمْ يَكُنْ تَمَامَ الْعِلَّةِ وَانْعَطَفَ قَيْدٌ عَلَى الْعِلَّةِ مِنْ مَسْأَلَةِ النَّقْضِ بِهِ يَنْدَفِعُ النَّقْضُ أَمَّا إذَا كَانَتْ الْعِلَّةُ مُخَيَّلَةً وَلَمْ يَنْقَدِحْ جَوَابٌ مُنَاسِبٌ
وَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ النَّقْضُ دَلِيلًا عَلَى فَسَادِ الْعِلَّةِ، وَأَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ مُعَرِّفًا اخْتِصَاصَ الْعِلَّةِ بِمَجْرَاهَا بِوَصْفٍ مِنْ قَبِيلِ الْأَوْصَافِ الشَّبَهِيَّةِ يَفْصِلُهَا عَنْ غَيْرِ مَجْرَاهَا فَهَذَا الِاحْتِرَازُ عَنْهُ مُهِمٌّ فِي الْجَدَلِ لِلْمُتَنَاظِرِينَ لَكِنَّ الْمُجْتَهِدَ النَّاظِرَ مَاذَا عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَقِدَ فِي هَذِهِ الْعِلَّةِ: الِانْتِقَاضَ وَالْفَسَادَ أَوْ التَّخْصِيصَ؟ هَذَا عِنْدِي فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ وَيَتْبَعُ كُلُّ مُجْتَهِدٍ مَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ وَمِثَالُهُ قَوْلُنَا: صَوْمُ رَمَضَانَ يَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ لَا تَنْعَطِفُ عَلَى مَا مَضَى وَصَوْمُ جَمِيعِ النَّهَارِ وَاجِبٌ، وَإِنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ فَيَنْتَقِضُ هَذَا بِالتَّطَوُّعِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ إلَّا بِنِيَّةٍ وَلَا يَتَجَزَّأُ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ وَلَا مُبَالَاةَ بِمَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ:
إنَّهُ صَائِمٌ بَعْضَ النَّهَارِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْقَدِحَ عِنْدَ الْمُجْتَهِدِ فَسَادُ هَذِهِ الْعِلَّةِ بِسَبَبِ التَّطَوُّعِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَنْقَدِحَ لَهُ أَنَّ التَّطَوُّعَ وَرَدَ مُسْتَثْنًى رُخْصَةً لِتَكْثِيرِ النَّوَافِلِ فَإِنَّ الشَّرْعَ قَدْ سَامَحَ فِي النَّفْلِ بِمَا لَمْ يُسَامِحْ بِهِ الْفَرْضَ فَالْمُخَيَّلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْفَرْضِ وَيَكُونُ وَصْفُ الْفَرْضِيَّةِ فَاصِلًا بَيْنَ مَجْرَى الْعِلَّةِ وَمَوْقِعِهَا وَيَكُونُ ذَلِكَ وَصْفًا شَبَهِيًّا اُعْتُبِرَ فِي اسْتِعْمَالِ الْمُخَيَّلِ وَتَمَيَّزَ مَجْرَاهُ عَنْ مَوْقِعِهِ
وَمَنْ أَنْكَرَ قِيَاسَ الشَّبَهِ جَوَّزَ الِاحْتِرَازَ عَنْ النَّقْضِ بِمِثْلِ هَذَا الْوَصْفِ الشَّبَهِيِّ، فَأَكْثَرُ الْعِلَلِ الْمُخَيَّلَةِ خَصَّصَ الشَّرْعُ اعْتِبَارَهَا بِمَوَاضِعَ لَا يَنْقَدِحُ فِي تَعْيِينِ الْمَحَلِّ مَعْنًى مُنَاسِبٌ عَلَى مَذَاقِ أَصْلِ الْعِلَّةِ وَهَذَا التَّرَدُّدُ إنَّمَا يَنْقَدِحُ فِي مَعْنًى مُؤَثِّرٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى شَهَادَةِ الْأَصْلِ فَإِنَّ مُقَدِّمَاتِ هَذَا الْقِيَاسِ مُؤَثِّرَةٌ بِالِاتِّفَاقِ مِنْ قَوْلِنَا إنَّ كُلَّ الْيَوْمِ وَاجِبٌ وَإِنَّ النِّيَّةَ عَزْمٌ لَا يَنْعَطِفُ عَلَى الْمَاضِي، وَإِنَّ الصَّوْمَ لَا يَصِحُّ إلَّا بِنِيَّةٍ
فَإِنْ كَانَتْ الْعِلَّةُ مُنَاسِبَةً بِحَيْثُ تَفْتَقِرُ إلَى أَصْلٍ يُسْتَشْهَدُ بِهِ فَإِنَّمَا يَشْهَدُ

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 333
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست