responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 33
ضَرُورَةٍ كُلُّ شَيْئَيْنِ يُحْكَمُ عَلَيْهِمَا بِشَيْءٍ وَاحِدٍ أَنْ يُخْبَرَ بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ، فَإِنَّا نَحْكُمُ عَلَى السَّوَادِ وَالْبَيَاضِ بِاللَّوْنِيَّةِ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يُخْبَرَ عَنْ السَّوَادِ بِأَنَّهُ بَيَاضٌ وَلَا عَنْ الْبَيَاضِ بِأَنَّهُ سَوَادٌ.
وَنَظْمُهُ أَنْ يُقَال كُلُّ سَوَادٍ لَوْنٌ وَكُلُّ بَيَاضٍ لَوْنٌ، فَلَا يَلْزَمُ كُلُّ سَوَادٍ بَيَاضٌ وَلَا كُلُّ بَيَاضٍ سَوَادٌ. نَعَمْ كُلُّ شَيْئَيْنِ أُخْبِرَ عَنْ أَحَدِهِمَا بِمَا يُخْبَرُ عَنْ الْآخَرِ بِنَفْيِهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا انْفِصَالٌ وَهُوَ النَّفْيُ. النَّظْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ مُبْتَدَأً فِي الْمُقَدِّمَتَيْنِ، وَهَذَا يُسَمِّيهِ الْفُقَهَاءُ نَقْضًا. وَهَذَا إذَا اجْتَمَعَتْ شُرُوطُهُ أَنْتَجَ نَتِيجَةً خَاصَّةً لَا عَامَّةً، مِثَالُهُ قَوْلُنَا كُلُّ سَوَادٍ عَرَضٌ وَكُلُّ سَوَادٍ لَوْنٌ، فَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ بَعْضَ الْعَرَضِ لَوْنٌ. وَكَذَلِكَ لَوْ قُلْتَ كُلُّ بُرٍّ مَطْعُومٌ وَكُلُّ بُرٍّ رِبَوِيٌّ، فَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ بَعْضَ الْمَطْعُومِ رِبَوِيٌّ وَوَجْهُ دَلَالَتِهِ أَنَّ الرِّبَوِيَّ وَالْمَطْعُومَ شَيْئَانِ حَكَمْنَا بِهِمَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْبُرُّ فَالْتَقَيَا عَلَيْهِ، وَأَقَلُّ دَرَجَاتِ الِالْتِقَاءِ أَنْ يُوجِبَ حُكْمًا خَاصًّا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَامًّا فَأَمْكَنَ أَنْ يُقَالَ بَعْضُ الْمَطْعُومِ رِبَوِيُّ وَبَعْضُ الرِّبَوِيِّ مَطْعُومٌ.

النَّمَطُ الثَّانِي مِنْ الْبُرْهَانِ: وَهُوَ نَمَطُ التَّلَازُمِ. يَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدِّمَتَيْنِ، وَالْمُقَدِّمَةُ الْأُولَى تَشْتَمِلُ عَلَى قَضِيَّتَيْنِ، وَالْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى ذِكْرِ إحْدَى تَيْنِكَ الْقَضِيَّتَيْنِ تَسْلِيمًا إمَّا بِالنَّفْيِ أَوْ بِالْإِثْبَاتِ حَتَّى تُسْتَنْتَجَ مِنْهُ إحْدَى تَيْنِكَ الْقَضِيَّتَيْنِ أَوْ نَقِيضُهَا. وَلْنُسَمِّ هَذَا نَمَطَ التَّلَازُمِ، وَمِثَالُهُ قَوْلُنَا: إنْ كَانَ الْعَالَمُ حَادِثًا فَلَهُ مُحْدِثٌ، فَهَذِهِ مُقَدِّمَةٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ حَادِثٌ وَهِيَ الْمُقَدِّمَةُ الثَّانِيَةُ، فَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ لَهُ مُحْدِثًا. وَالْأُولَى اشْتَمَلَتْ عَلَى قَضِيَّتَيْنِ لَوْ أُسْقِطَ مِنْهُمَا حَرْفُ الشَّرْطِ لَانْفَصَلَتَا؛ إحْدَاهُمَا قَوْلُنَا: إنْ كَانَ الْعَالَمُ حَادِثًا.
وَالثَّانِيَةُ قَوْلُنَا: فَلَهُ مُحْدِثٌ. وَلْنُسَمِّ الْقَضِيَّةَ الْأُولَى الْمُقَدَّمَ، وَلْنُسَمِّ الْقَضِيَّةَ الثَّانِيَةَ اللَّازِمَ وَالتَّابِعَ. وَالْقَضِيَّةُ الثَّانِيَةُ اشْتَمَلَتْ عَلَى تَسْلِيمِ عَيْنِ الْقَضِيَّةِ الَّتِي سَمَّيْنَاهَا مُقَدَّمًا، وَهُوَ قَوْلُنَا: وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعَالَمَ حَادِثٌ، فَتَلْزَمُ مِنْهُ النَّتِيجَةُ وَهُوَ أَنَّ لِلْعَالَمِ مُحْدِثًا وَهُوَ عَيْنُ اللَّازِم، وَمِثَالُهُ فِي الْفِقْهِ قَوْلُنَا: إنْ كَانَ الْوِتْرُ يُؤَدَّى عَلَى الرَّاحِلَةِ بِكُلِّ حَالٍ فَهُوَ نَفْلٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُؤَدَّى عَلَى الرَّاحِلَةِ فَثَبَتَ أَنَّهُ نَفْلٌ.
وَهَذَا النَّمَطُ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ أَرْبَعُ تَسْلِيمَاتٍ تَنْتُجُ مِنْهَا اثْنَتَانِ وَلَا تَنْتُجُ اثْنَتَانِ، أَمَّا الْمُنْتِجُ فَتَسْلِيمُ عَيْنِ الْمُقَدَّمِ يُنْتِجُ عَيْنَ اللَّازِمِ، مِثَالُهُ قَوْلُنَا: إنْ كَانَتْ هَذِهِ الصَّلَاةُ صَحِيحَةً فَالْمُصَلِّي مُتَطَهِّرٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ صَحِيحَةٌ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَلِّي مُتَطَهِّرًا. وَمِثَالُهُ مِنْ الْحِسِّ: إنْ كَانَ هَذَا سَوَادًا فَهُوَ لَوْنٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ سَوَادٌ فَإِذًا هُوَ لَوْنٌ أَمَّا الْمُنْتِجُ الْآخَرُ فَهُوَ تَسْلِيمُ نَقِيضِ اللَّازِمِ فَإِنَّهُ يُنْتِجُ نَقِيضَ الْمُقَدَّمِ مِثَالُهُ قَوْلُنَا: إنْ كَانَتْ هَذِهِ الصَّلَاةُ صَحِيحَةً فَالْمُصَلِّي مُتَطَهِّرٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُصَلِّي غَيْرُ مُتَطَهِّرٍ فَيَنْتُجُ أَنَّ الصَّلَاة غَيْرُ صَحِيحَةٍ. وَإِنْ كَانَ بَيْعُ الْغَائِبِ صَحِيحًا فَهُوَ يَلْزَمُ بِصَرِيحِ الْإِلْزَامِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ بِصَرِيحِ الْإِلْزَامِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ.
وَوَجْهُ دَلَالَةِ هَذَا النَّمَطِ عَلَى الْجُمْلَةِ أَنَّ مَا يُفْضِي إلَى الْمُحَالِ فَهُوَ مُحَالٌ وَهَذَا يُفْضِي إلَى الْمُحَالِ فَهُوَ إذًا مُحَالٌ، كَقَوْلِنَا: لَوْ كَانَ الْبَارِي سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مُسْتَقِرًّا عَلَى الْعَرْشِ لَكَانَ إمَّا مُسَاوِيًا لِلْعَرْشِ أَوْ أَكْبَرَ أَوْ أَصْغَرَ وَكُلُّ ذَلِكَ مُحَالٌ، فَمَا يُفْضِي إلَيْهِ مُحَالٌ وَهَذَا يُفْضِي إلَى الْمُحَالِ فَهُوَ إذًا مُحَالٌ.
وَأَمَّا الَّذِي لَا يُنْتِجُ فَهُوَ تَسْلِيمُ عَيْنِ اللَّازِمِ، فَإِنَّا لَوْ قُلْنَا: إنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ صَحِيحَةً فَالْمُصَلِّي مُتَطَهِّرٌ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُصَلِّي مُتَطَهِّرٌ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ لَا صِحَّةُ الصَّلَاةِ وَلَا فَسَادُهَا إذْ قَدْ تَفْسُدُ الصَّلَاةُ بِعِلَّةٍ أُخْرَى. وَكَذَلِكَ تَسْلِيمُ نَقِيضِ الْمُقَدَّمِ لَا يُنْتِجُ عَيْنَ اللَّازِمِ وَلَا نَقِيضَهُ، فَإِنَّا

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 33
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست