responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 327
خَارِجًا عَنْ قِيَاسِهِ بِأَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ وَلَا يُنْظَرُ فِيهِ إلَى كَثْرَةِ الْعَدَدِ وَقِلَّتِهِ.
وَتَحْقِيقُهُ أَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ إنَّمَا جَوَّزَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفِّ لِعُسْرِ النَّزْعِ وَمَسِيسِ الْحَاجَةِ إلَى اسْتِصْحَابِهِ فَلَا نَقِيسُ عَلَيْهِ الْعِمَامَةَ وَالْقُفَّازَيْنِ وَمَا لَا يَسْتُرُ جَمِيعَ الْقَدَمِ لَا؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْقِيَاسِ لَكِنْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ مَا يُسَاوِيهِ فِي الْحَاجَةِ وَعُسْرِ النَّزْعِ وَعُمُومِ الْوُقُوعِ، وَكَذَلِكَ رُخْصَةُ السَّفَرِ لَا شَكَّ فِي ثُبُوتِهَا بِالْمَشَقَّةِ وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهَا مَشَقَّةٌ أُخْرَى؛ لِأَنَّهَا لَا يُشَارِكهَا غَيْرُهَا فِي جُمْلَةِ مَعَانِيهَا وَمَصَالِحِهَا؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ يُحْوِجُ إلَى الْجَمْعِ لَا إلَى الْقَصْرِ، وَقَدْ يَقْضِي فِي حَقِّهِ بِالرَّدِّ مِنْ الْقِيَامِ إلَى الْقُعُودِ وَلَمَّا سَاوَاهُ فِي حَاجَةِ الْفِطْرِ سَوَّى الشَّرْعُ بَيْنَهُمَا. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُمْ تَنَاوُلُ الْمَيْتَةِ رُخْصَةً خَارِجَةً عَنْ الْقِيَاسِ غَلَطٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ لَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُ الْمُضْطَرِّ؛ فَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُ، وَإِلَّا فَلْنَقِسْ الْخَمْرَ عَلَى الْمَيْتَةِ، وَالْمُكْرَهَ عَلَى الْمُضْطَرِّ فَهُوَ مُنْقَاسٌ.
وَكَذَلِكَ بَدَاءَةُ الشَّرْعِ بِأَيْمَانِ الْمُدَّعِي فِي الْقَسَامَةِ لِشَرَفِ أَمْرِ الدَّمِ وَلِخَاصِّيَّةٍ لَا يُوجَدُ مِثْلُهَا فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ عَدِيمُ النَّظِيرِ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ، وَأَقْرَبُ شَيْءٍ إلَيْهِ الْبُضْعُ وَقَدْ وَرَدَ تَصْدِيقُ الْمُدَّعِي بِاللِّعَانِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ وَكَذَلِكَ ضَرْبُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ حُكْمُ الْجَاهِلِيَّةِ قَرَّرَهُ الشَّرْعُ لِكَثْرَةِ وُقُوعِ الْخَطَأِ وَشِدَّةِ الْحَاجَةِ إلَى مُمَارَسَةِ السِّلَاحِ، وَلَا نَظِيرَ لَهُ فِي غَيْرِ الدِّيَةِ وَهَذَا مِمَّا يَكْثُرُ فَبِهَذَا يُعْرَفُ أَنَّ قَوْلَ الْفُقَهَاءِ " تَأَقُّتُ الْإِجَارَةِ " خَارِجٌ عَنْ قِيَاسِ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ خَطَأٌ كَقَوْلِهِمْ: " تَأَبُّدُ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ خَارِجٌ عَنْ قِيَاسِ الْإِجَارَةِ " وَتَأَقُّتِ الْمُسَاقَاةِ " خَارِجٌ عَنْ تَأَبُّدِ الْقِرَاضِ، بَلْ تَأَبُّدُ الْقِرَاضِ خَارِجٌ عَنْ قِيَاسِ تَأَقُّتِ الْمُسَاقَاةِ.
فَإِذًا هَذِهِ الْأَقْسَامُ الْأَرْبَعَةُ لَا بُدَّ مِنْ فَهْمِهَا وَبِفَهْمِ بَيَانِهَا يَحْصُلُ الْوُقُوفُ عَلَى سِرِّ هَذَا الْأَصْلِ

[الرُّكْنُ الثَّانِي لِلْقِيَاسِ]
ِ: وَلَهُ خَمْسَةُ شُرُوطٍ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ عِلَّةُ الْأَصْلِ مَوْجُودَةً فِي الْفَرْعِ، فَإِنْ تَعَدَّى الْحُكْمُ فَرْعًا تَعَدَّى الْعِلَّةَ فَإِنْ كَانَ وُجُودُهَا فِي الْفَرْعِ غَيْرَ مَقْطُوعٍ بِهِ لَكِنَّهُ مَظْنُونٌ صَحَّ الْحُكْمُ وَقَالَ قَوْمٌ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُشَارَكَتَهُ لِلْأَصْلِ فِي الْعِلَّةِ لَمْ تُعْلَمْ، وَإِنَّمَا الْمَعْلُومُ بِالْقِيَاسِ أَنَّ الْحُكْمَ يَتْبَعُ الْعِلَّةَ، وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَحَلِّ، أَمَّا إذَا وَقَعَ الشَّكُّ فِي الْعِلَّةِ فَلَا يُلْحَقُ وَهَذَا ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ أَنَّ النَّجَاسَةَ هِيَ عِلَّةُ بُطْلَانِ الْبَيْعِ فِي جِلْدِ الْمَيْتَةِ قِسْنَا عَلَيْهِ الْكَلْبَ إذَا ثَبَتَ عِنْدَنَا نَجَاسَةُ الْكَلْبِ بِدَلِيلٍ مَظْنُونٍ، وَكَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ عِلَّةُ الْكَفَّارَةِ الْعِصْيَانَ وَيُدْرَكُ تَحْقِيقُهُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ فَإِذَا ثَبَتَ الْتَحَقَ بِالْأَصْلِ، وَكَذَلِكَ الْمَاءُ الْكَثِيرُ إذَا تَغَيَّرَ بِالنَّجَاسَةِ فَطَرَحَ فِيهِ التُّرَابَ، فَإِنْ كَانَ التُّرَابُ سَائِرًا كَالزَّعْفَرَانِ لَمْ تَزُلْ النَّجَاسَةُ وَإِنْ كَانَ مُبْطِلًا كَهُبُوبِ الرِّيحِ وَطُولِ الْمُدَّةِ زَالَتْ النَّجَاسَةُ، وَرُبَّمَا يُعْرَفُ ذَلِكَ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ، فَالظَّنُّ كَالْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ.
الثَّانِي: أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ الْفَرْعُ فِي الثُّبُوتِ عَلَى الْأَصْلِ، وَمِثَالُهُ: قِيَاسُ الْوُضُوءِ عَلَى التَّيَمُّمِ فِي النِّيَّةِ، وَالتَّيَمُّمُ مُتَأَخِّرٌ، وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ فَالدَّلِيلُ يَجُوزُ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ الْمَدْلُولِ، فَإِنَّ حُدُوثَ الْعَالَمِ دَلَّ عَلَى الصَّانِعِ الْقَدِيمِ، وَإِنْ كَانَ بِطَرِيقِ التَّعْلِيلِ فَلَا يَسْتَقِيمُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يَحْدُثُ بِحُدُوثِ الْعِلَّةِ فَكَيْفَ يَتَأَخَّرُ عَنْ الْمَعْلُولِ؟ لَكِنْ يُمْكِنُ الْعُدُولُ إلَى طَرِيقِ الِاسْتِدْلَالِ، فَإِنَّ إثْبَاتَ الشَّرْعِ الْحُكْمَ فِي التَّيَمُّمِ عَلَى وَفْقِ الْعِلَّةِ يَشْهَدُ لِكَوْنِهِ مَلْحُوظًا بِعَيْنِ

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 327
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست