responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 324
[الْبَابُ الرَّابِعُ فِي أَرْكَانِ الْقِيَاسِ وَشُرُوطِ كُلِّ رُكْنٍ]
[الرُّكْنُ الْأَوَّلُ لِلْقِيَاسِ]
الْبَابُ الرَّابِعُ فِي أَرْكَانِ الْقِيَاسِ وَشُرُوطِ كُلِّ رُكْنٍ
وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ: الْأَصْلُ، وَالْفَرْعُ، وَالْعِلَّةُ وَالْحُكْمُ فَلْنُمَيِّزْ الْقَوْلَ فِي شَرْطِ كُلِّ رُكْنٍ لِيَكُونَ أَقْرَبَ إلَى الضَّبْطِ
الرُّكْنُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ الْأَصْلُ وَلَهُ شُرُوطٌ ثَمَانِيَةٌ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْأَصْلِ ثَابِتًا فَإِنَّهُ إنْ أَمْكَنَ تَوْجِيهُ الْمَنْعِ عَلَيْهِ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ النَّاظِرُ وَلَا الْمُنَاظِرُ قَبْلَ إقَامَةِ الدَّلِيلِ عَلَى ثُبُوتِهِ.
الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ ثَابِتًا بِطَرِيقٍ سَمْعِيٍّ شَرْعِيٍّ، إذْ مَا ثَبَتَ بِطَرِيقٍ عَقْلِيٍّ أَوْ لُغَوِيٍّ لَمْ يَكُنْ حُكْمًا شَرْعِيًّا، وَالْحُكْمُ اللُّغَوِيُّ وَالْعَقْلِيُّ لَا يُثْبِتُ قِيَاسًا عِنْدَنَا كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ أَسَاسِ الْقِيَاسِ
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ الطَّرِيقُ الَّذِي بِهِ عُرِفَ كَوْنُ الْمُسْتَنْبَطِ مِنْ الْأَصْلِ عِلَّةً سَمْعًا؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْوَصْفِ عِلَّةً حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَوَضْعٌ شَرْعِيٌّ.
الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَكُونَ الْأَصْلُ فَرْعًا لِأَصْلٍ آخَرَ بَلْ يَكُونُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ فِيهِ بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ فَلَا مَعْنَى لِقِيَاسِ الذُّرَةِ عَلَى الْأُرْزِ ثُمَّ قِيَاسُ الْأُرْزِ عَلَى الْبُرِّ؛ لِأَنَّ الْوَصْفَ الْجَامِعَ إنْ كَانَ مَوْجُودًا فِي الْأَصْلِ الْأَوَّلِ كَالطَّعْمِ مَثَلًا فَتَطْوِيلُ الطَّرِيقِ عَبَثٌ، إذْ لَيْسَتْ الذُّرَةُ بِأَنْ تُجْعَلَ فَرْعًا لِلْأُرْزِ أَوْلَى مِنْ عَكْسِهِ؛ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا فِي الْأَصْلِ فَبِمَ يُعْرَفُ كَوْنُ الْجَامِعِ عِلَّةً؟ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ كَوْنُ الشَّبَهِ وَالْمُنَاسِبِ عِلَّةً بِشَهَادَةِ الْحُكْمِ وَإِثْبَاتِهِ عَلَى وَفْقِ الْمَعْنَى، فَإِذَا لَمْ يَكُنِ الْحُكْمُ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ أَوْ مُجْمَعًا عَلَيْهِ لَمْ يَصْلُحْ لَأَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى مُلَاحَظَةِ الْمَعْنَى الْمَقْرُونِ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي فِي قِيَاسِ الشَّبَهِ إلَى أَنْ يُشَبَّهَ بِالْفَرْعِ الثَّالِثِ رَابِعٌ وَبِالرَّابِعِ خَامِسٌ فَيَنْتَهِي الْأَخِيرُ إلَى حَدٍّ لَا يُشْبِهُ الْأَوَّلَ، كَمَا لَوْ الْتَقَطَ حَصَاةً وَطَلَبَ مَا يُشْبِهُهَا ثُمَّ طَلَبَ مَا يُشْبِهُ الثَّانِيَةَ ثُمَّ طَلَبَ مَا يُشْبِهُ الثَّالِثَةَ ثُمَّ يَنْتَهِي بِالْآخِرَةِ إلَى أَنْ لَا يُشْبِهَ الْعَاشِرُ الْأَوَّلَ؛ لِأَنَّ الْفُرُوقَ الدَّقِيقَةَ تَجْتَمِعُ فَتَظْهَرُ الْمُفَارَقَةُ.
فَإِنْ قِيلَ: فَأَيُّ فَائِدَةٍ لِفَرْضِ الْمُنَاظِرِ الْكَلَامَ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ؟ قُلْنَا: لِلْفَرْضِ مَحَلَّانِ
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَعُمَّ السَّائِلُ بِسُؤَالِهِ جُمْلَةً مِنْ الصُّوَرِ فَيُخَصِّصُ الْمُنَاظِرُ بَعْضَ الصُّوَرِ إذْ يُسَاعِدُهُ فِيهِ خَبَرٌ أَوْ دَلِيلٌ خَاصٌّ أَوْ يَنْدَفِعُ فِيهِ بَعْضُ شُبَهِ الْخَصْمِ
الثَّانِي: أَنْ تَبْنِيَ فَرْعًا عَلَى فَرْعٍ آخَرَ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ عَلَى النَّاظِرِ الْمُجْتَهِدِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ.
أَمَّا قَبُولُهُ مِنْ الْمُنَاظِرِ فَإِنَّهُ يَنْبَنِي عَلَى اصْطِلَاحِ الْجَدَلِيِّينَ، فَالْجَدَلُ شَرِيعَةٌ وَضَعَهَا الْمُتَنَاظِرُونَ وَنَظَرْنَا فِي الْمُجْتَهِدِ وَهُوَ لَا يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ، وَمُوَافَقَةُ الْخَصْمِ عَلَى الْفَرْعِ لَا تَنْفَعُ وَلَا تَجْعَلُهُ أَصْلًا إذْ الْخَطَأُ مُمْكِنٌ عَلَى الْخَصْمَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إجْمَاعًا مُطْلَقًا فَيَصِيرُ أَصْلًا مُسْتَقِلًّا.
الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ دَلِيلُ إثْبَاتِ الْعِلَّةِ فِي الْأَصْلِ، مَخْصُوصًا بِالْأَصْلِ لَا يَعُمُّ الْفَرْعَ، مِثَالُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: السَّفَرْجَلُ مَطْعُومٌ فَيَجْرِي فِيهِ الرِّبَا قِيَاسًا عَلَى الْبُرِّ، ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى إثْبَاتِ كَوْنِ الطَّعْمِ عِلَّةً بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لَا تَبِيعُوا الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ» أَوْ قَالَ فَضُلَ الْقَاتِلُ الْقَتِيلَ بِفَضِيلَةِ الْإِسْلَامِ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ كَمَا لَوْ قَتَلَ الْمُسْلِمُ الْمُعَاهَدَ، ثُمَّ اسْتَنَدَ فِي إثْبَاتِ عِلَّتِهِ إلَى قَوْلِهِ: «لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ»

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 324
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست