responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 320
أَمَّا تَفْصِيلُ الْمَذَاهِبِ فِيهِ وَنَقْلُ الْأَقَاوِيلِ الْمُخْتَلِفَةِ فِي تَفْهِيمِهِ فَقَدْ آثَرْتُ الْإِعْرَاضَ عَنْهُ لِقِلَّةِ فَائِدَتِهِ، فَمَنْ عَرَفَ مَا ذَكَرْنَاهُ لَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ غَوْرُ مَا سِوَاهُ وَمَنْ طَلَبَ الْحَقَّ مِنْ أَقَاوِيلِ النَّاسِ دَارَ رَأْسُهُ وَحَارَ عَقْلُهُ، وَقَدْ اسْتَقْصَيْتُ ذَلِكَ فِي تَهْذِيبِ الْأُصُولِ.

[الطَّرَفُ الثَّانِي فِي بَيَانِ التَّدْرِيجِ فِي مَنَازِلِ هَذِهِ الْأَقْيِسَةِ مِنْ أَعْلَاهَا إلَى أَدْنَاهَا]
وَأَدْنَاهَا الطَّرْدُ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُنْكِرَهُ كُلُّ قَائِلٍ بِالْقِيَاسِ وَأَعْلَاهَا مَا فِي مَعْنَى الْأَصْلِ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقِرَّ بِهِ كُلُّ مُنْكِرٍ لِلْقِيَاسِ.
وَبَيَانُهُ أَنَّ الْقِيَاسَ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ: الْمُؤَثِّرُ؛ ثُمَّ الْمُنَاسِبُ، ثُمَّ الشَّبَهُ، ثُمَّ الطَّرْدُ.
وَالْمُؤَثِّرُ يُعْرَفُ كَوْنُهُ مُؤَثِّرًا بِنَصٍّ أَوْ إجْمَاعٍ أَوْ سَبْرٍ حَاصِرٍ، وَأَعْلَاهَا الْمُؤَثِّرُ وَهُوَ مَا ظَهَرَ تَأْثِيرُهُ فِي الْحُكْمِ أَيْ الَّذِي عُرِفَ إضَافَةُ الْحُكْمِ إلَيْهِ، وَجَعْلُهُ مَنَاطًا، وَهُوَ بِاعْتِبَارِ النَّظَرِ إلَى عَيْنِ الْعِلَّةِ وَجِنْسِهَا وَعَيْنِ الْحُكْمِ وَجِنْسِهِ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَظْهَرَ تَأْثِيرُ عَيْنِهِ فِي عَيْنِ ذَلِكَ الْحُكْمِ أَوْ تَأْثِيرُ عَيْنِهِ فِي جِنْسِ ذَلِكَ الْحُكْمِ أَوْ تَأْثِيرُ جِنْسِهِ فِي جِنْسِ ذَلِكَ الْحُكْمِ أَوْ تَأْثِيرُ جِنْسِهِ فِي عَيْنِ ذَلِكَ الْحُكْم، فَإِنْ أَظْهَرَ تَأْثِيرَ عَيْنِهِ فِي عَيْنِ ذَلِكَ الْحُكْمِ فَهُوَ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: إنَّهُ فِي مَعْنَى الْأَصْلِ وَهُوَ الْمَقْطُوعُ بِهِ الَّذِي رُبَّمَا يَعْتَرِفُ بِهِ مُنْكِرُو الْقِيَاسِ إذْ لَا يُبْقِي الْفَرْعُ وَالْأَصْلُ مُبَايَنَةً إلَّا تَعَدُّدُ الْمَحَلِّ، فَإِنَّهُ إذَا ظَهَرَ أَنَّ عَيْنَ السُّكْرِ أَثَرٌ فِي تَحْرِيمِ عَيْنِ الشُّرْبِ فِي الْخَمْرِ فَالنَّبِيذُ مُلْحَقٌ بِهِ قَطْعًا وَإِذَا ظَهَرَ أَنَّ عِلَّةَ الرِّبَا فِي التَّمْرِ الطَّعْمُ فَالزَّبِيبُ مُلْحَقٌ بِهِ قَطْعًا إذْ لَا يَبْقَى إلَّا اخْتِلَافُ عَدَدِ الْأَشْخَاصِ الَّتِي هِيَ مَجَارِي الْمَعْنَى، وَيَكُونُ ذَلِكَ كَظُهُورِ أَثَرِ الْوِقَاعِ فِي إيجَابِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْأَعْرَابِيِّ إذْ يَكُونُ الْهِنْدِيُّ وَالتُّرْكِيُّ فِي مَعْنَاهُ.
الثَّانِي فِي الْمَرْتَبَةِ: أَنْ يَظْهَرَ تَأْثِيرُ عَيْنِهِ فِي جِنْسِ ذَلِكَ الْحُكْمِ لَا فِي عَيْنِهِ كَتَأْثِيرِ أُخُوَّةِ الْأَبِ وَالْأُمِّ فِي التَّقْدِيمِ فِي الْمِيرَاثِ فَيُقَاسُ عَلَيْهِ وِلَايَةُ النِّكَاحِ، فَإِنَّ الْوِلَايَةَ لَيْسَتْ هِيَ عَيْنَ الْمِيرَاثِ.
لَكِنْ بَيْنَهُمَا مُجَانَسَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ فَإِنَّ هَذَا حَقٌّ وَذَلِكَ حَقٌّ فَهَذَا دُونَ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمُفَارَقَةَ بَيْنَ جِنْسٍ وَجِنْسٍ غَيْر بَعِيدٍ بِخِلَافِ الْمُفَارَقَةِ بَيْنَ مَحَلٍّ وَمَحَلٍّ لَا يَفْتَرِقَانِ أَصْلًا فِيمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ لَهُ مَدْخَلًا فِي التَّأْثِيرِ.
الثَّالِثُ فِي الْمَرْتَبَةِ: أَنْ يُؤَثِّرَ جِنْسُهُ فِي عَيْنِ ذَلِكَ الْحُكْمِ، كَإِسْقَاطِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ عَنْ الْحَائِضِ تَعْلِيلًا بِالْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ، فَإِنَّهُ ظَهَرَ تَأْثِيرُ جِنْسِ الْحَرَجِ فِي إسْقَاطِ قَضَاءِ الصَّلَاةِ كَتَأْثِيرِ مَشَقَّةِ السَّفَرِ فِي إسْقَاطِ قَضَاءِ الرَّكْعَتَيْنِ السَّاقِطَتَيْنِ بِالْقَصْرِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي خَصَّصْنَاهُ بِاسْمِ الْمُلَائِمِ، وَخَصَّصْنَا اسْمَ الْمُؤَثِّرِ بِمَا ظَهَرَ تَأْثِيرُ عَيْنِهِ.
الرَّابِعُ فِي الْمَرْتَبَةِ: مَا ظَهَرَ تَأْثِيرُ جِنْسِهِ فِي جِنْسِ ذَلِكَ الْحُكْمِ، وَهُوَ الَّذِي سَمَّيْنَاهُ الْمُنَاسِبَ الْغَرِيبَ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ الْأَعَمَّ لِلْمَعَانِي كَوْنُهَا مَصْلَحَةً وَالْمُنَاسِبُ مَصْلَحَةٌ، وَقَدْ ظَهَرَ أَثَرُ الْمَصَالِحِ فِي الْأَحْكَامِ إذْ عُهِدَ مِنْ الشَّرْعِ الِالْتِفَاتُ إلَى الْمَصَالِحِ، فَلِأَجْلِ هَذَا الِاسْتِمْدَادِ الْعَامِّ مِنْ مُلَاحَظَةِ الشَّرْعِ جِنْسَ الْمَصَالِحِ اقْتَضَى ظُهُورُ الْمُنَاسَبَةِ تَحْرِيكَ الظَّنِّ، وَلِأَجْلِ شَمَّةٍ مِنْ الِالْتِفَاتِ إلَى عَادَةِ الشَّرْعِ أَيْضًا أَفَادَ الشَّبَهُ الظَّنَّ؛ لِأَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ أَنْوَاعٍ مِنْ الصِّفَاتِ عُهِدَ مِنْ الشَّرْعِ ضَبْطُ الْأَحْكَامِ بِجِنْسِهَا، كَكَوْنِ الصِّيَامِ فَرْضًا فِي مَسْأَلَةِ التَّثْبِيتِ وَكَكَوْنِ الطَّهَارَةِ تَعَبُّدًا مُوجِبُهَا فِي غَيْرِ مَحَلِّ مُوجِبِهَا وَكَوْنِ الْوَاجِبِ بَدَلَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْآدَمِيِّ فِي مَسْأَلَةِ ضَرْبِ الْقَلِيلِ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِخِلَافِ بِنَاءِ الْقَنْطَرَةِ عَلَى الْمَاءِ وَأَمْثَالُهُ مِنْ الصِّفَاتِ فَإِنَّ الشَّرْعَ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى جِنْسِهِ، وَالْمَأْلُوفُ مِنْ عَادَةِ الشَّرْعِ هُوَ الَّذِي يَعْرِفُ مَقَاصِدَ الشَّرْعِ، وَالْعَادَةُ تَارَةً تَثْبُتُ فِي جِنْسٍ وَتَارَةً تَثْبُتُ فِي عَيْنٍ.
ثُمَّ لِلْجِنْسِيَّةِ أَيْضًا مَرَاتِبُ بَعْضُهَا

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 320
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست