responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 31
وَبِالْآخَرِ الَّتِي بَعْدَهَا. وَبِالْجُمْلَةِ فَالْقَضِيَّةُ الْمُتَنَاقِضَةُ هِيَ الَّتِي تَسْلُبُ مَا أَثْبَتَتْهُ الْأُولَى بِعَيْنِهِ عَمَّا أَثْبَتَتْهُ بِعَيْنِهِ، وَفِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَالْمَكَانِ وَالْحَالِ وَبِتِلْكَ الْإِضَافَةِ بِعَيْنِهَا وَبِالْقُوَّةِ إنْ كَانَ ذَلِكَ بِالْقُوَّةِ وَبِالْفِعْلِ إنْ كَانَ ذَلِكَ بِالْفِعْلِ وَكَذَلِكَ فِي الْجُزْءِ وَالْكُلِّ، وَتَحْصِيلُ ذَلِكَ بِأَنْ لَا تُخَالِفَ الْقَضِيَّةُ النَّافِيَةُ الْمُثْبِتَةَ إلَّا فِي تَبْدِيلِ النَّفْيِ بِالْإِثْبَاتِ فَقَطْ

[الْفَنُّ الثَّانِي فِي الْمَقَاصِدِ وَفِيهِ فَصْلَانِ]
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي صُورَةِ الْبُرْهَانِ]
الْفَنُّ الثَّانِي: فِي الْمَقَاصِدِ وَفِيهِ فَصْلَانِ فَصْلٌ فِي صُورَةِ الْبُرْهَانِ وَفَصْلٌ فِي مَادَّتِهِ
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ: فِي صُورَةِ الْبُرْهَانِ صُورَةِ الْبُرْهَانِ.
وَالْبُرْهَانُ عِبَارَةٌ عَنْ مُقَدِّمَتَيْنِ مَعْلُومَتَيْنِ تُؤَلَّفُ تَأْلِيفًا مَخْصُوصًا بِشَرْطٍ مَخْصُوصٍ، فَيَتَوَلَّدُ بَيْنَهُمَا نَتِيجَةٌ، وَلِيس يَتَّحِدُ نَمَطُهُ بَلْ يَرْجِعُ إلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةِ الْمَأْخَذِ وَالْبَقَايَا تَرْجِعُ إلَيْهَا.
النَّمَطُ الْأَوَّلُ ثَلَاثَةُ أَضْرُب: مِثَالُ الْأَوَّلِ قَوْلُنَا كُلُّ جِسْمٍ مُؤَلَّفِ وَكُلُّ مُؤَلَّفٍ حَادِثٌ، فَلَزِمَ أَنَّ كُلَّ جِسْمٍ حَادِثٌ. وَمِنْ الْفِقْهِ قَوْلُنَا كُلُّ نَبِيذٍ مُسْكِرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، فَلَزِمَ أَنَّ كُلَّ نَبِيذٍ حَرَامٌ. فَهَاتَانِ مُقَدِّمَتَانِ إذَا سَلِمَتَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَزِمَ بِالضَّرُورَةِ تَحْرِيمُ النَّبِيذِ، فَإِنْ كَانَتْ الْمُقَدِّمَاتُ قَطْعِيَّةً سَمَّيْنَاهَا بُرْهَانًا، وَإِنْ كَانَتْ مُسَلَّمَةً سَمَّيْنَاهَا قِيَاسًا جَدَلِيًّا.
وَإِنْ كَانَتْ مَظْنُونَةً سَمَّيْنَاهَا قِيَاسًا فِقْهِيًّا. وَسَيَأْتِي الْفَرْقُ بَيْنَ الْيَقِينِ وَالظَّنِّ إذَا ذَكَرْنَا أَصْلَ الْقِيَاسِ، فَإِنَّ كُلَّ مُقَدِّمَةٍ أَصْلٌ، فَإِذَا ازْدَوَجَ أَصْلَانِ حَصَلَتْ النَّتِيجَةُ وَعَادَةُ الْفُقَهَاءِ فِي مِثْلِ هَذَا النَّظْمِ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ: النَّبِيذُ مُسْكِرٌ فَكَانَ حَرَامًا قِيَاسًا عَلَى الْخَمْرِ، وَهَذَا لَا تَنْقَطِعُ الْمُطَالَبَةُ عَنْهُ مَا لَمْ يُرَدُّ إلَى النَّظْمِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، فَإِنْ رُدَّ إلَى هَذَا النَّظْمِ وَلَمْ يَكُنْ مُسَلَّمًا فَلَا تَلْزَمُ النَّتِيجَةُ إلَّا بِإِقَامَةِ الدَّلِيلِ حَتَّى يَثْبُتَ كَوْنُهُ مُسْكِرًا إنْ نُوزِعَ فِيهِ بِالْحِسِّ وَالتَّجْرِبَةِ، وَكَوْنُ الْمُسْكِرِ حَرَامًا بِالْخَبَرِ وَهُوَ قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» وَقَدْ ذَكَرنَا فِي كِتَابِ أَسَاسِ الْقِيَاسِ أَنَّ تَسْمِيَةَ هَذَا قِيَاسًا تَجَوُّزٌ، فَإِنَّ حَاصِلَهُ رَاجِعٌ إلَى ازْدِوَاجِ خُصُوصٍ تَحْتَ عُمُومٍ.
وَإِذَا فَهِمْتَ صُورَةَ هَذَا النَّظْمِ فَاعْلَمْ أَنَّ فِي هَذَا الْبُرْهَانِ مُقَدِّمَتَيْنِ إحْدَاهُمَا قَوْلُنَا كُلُّ نَبِيذٍ مُسْكِرٌ، وَالْأُخْرَى قَوْلُنَا كُلّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَكُلُّ مُقَدِّمَةٍ تَشْتَمِلُ عَلَى جُزْأَيْنِ مُبْتَدَأٍ وَخَبَرٍ، الْمُبْتَدَأُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ وَالْخَبَرُ حُكْمٌ، فَيَكُونُ مَجْمُوعُ أَجْزَاءِ الْبُرْهَانِ أَرْبَعَةَ أُمُورٍ إلَّا أَنَّ أَمْرًا وَاحِدًا يَتَكَرَّرُ فِي الْمُقَدِّمَتَيْنِ فَيَعُودُ إلَى ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ بِالضَّرُورَةِ، لِأَنَّهَا لَوْ بَقِيَتْ أَرْبَعَةً لَمْ تَشْتَرِكْ الْمُقَدِّمَتَانِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ وَبَطَلَ الِازْدِوَاجُ بَيْنَهُمَا فَلَا تَتَوَلَّدُ النَّتِيجَةُ، فَإِنَّك إذَا قُلْتَ: النَّبِيذُ مُسْكِرٌ، ثُمَّ لَمْ تَتَعَرَّضْ فِي الْمُقَدِّمَةِ الثَّانِيَةِ لَا لِلنَّبِيذِ وَلَا لِلْمُسْكِرِ لَكِنْ قُلْتَ: وَالْمَغْصُوبُ مَضْمُونٌ أَوْ الْعَالَمُ حَادِثٌ، فَلَا تَرْتَبِطُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى، فَبِالضَّرُورَةِ يَنْبَغِي أَنْ تُكَرِّرَ الْأَجْزَاءَ الْأَرْبَعَةَ فَلْنَصْطَلِحْ عَلَى تَسْمِيَةِ الْمُتَكَرِّرِ " عِلَّةً " وَهُوَ الَّذِي يُمْكِنُ أَنْ يَقْتَرِنَ بِقَوْلِكَ " لِأَنَّ " فِي جَوَابِ الْمُطَالَبَةِ " بِلِمَ " فَإِنَّهُ إذَا قِيلَ لَكَ: لِمَ قُلْتَ إنَّ النَّبِيذَ حَرَامٌ قُلْتَ لِأَنَّهُ مُسْكِرٌ، وَلَا تَقُولُ لِأَنَّهُ نَبِيذٌ، وَلَا تَقُولُ لِأَنَّهُ حَرَامٌ، فَمَا يَقْتَرِنُ بِهِ " لِأَنَّ " هُوَ الْعِلَّةُ.
وَلْنُسَمِّ مَا يَجْرِي مَجْرَى النَّبِيذِ مَحْكُومًا عَلَيْهِ وَمَا يَجْرِي مَجْرَى الْحَرَامِ حُكْمًا، فَإِنَّا فِي النَّتِيجَةِ نَقُولُ: فَالنَّبِيذُ حَرَامٌ. وَلْنَشْتَقَّ لِلْمُقَدَّمَتَيْنِ اسْمَيْنِ مِنْهُمَا لَا مِنْ الْعِلَّةِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ مُتَكَرِّرَةٌ فِيهِمَا، فَنُسَمِّي الْمُقَدِّمَةَ الْمُشْتَمِلَةَ عَلَى الْمَحْكُومِ الْمُقَدِّمَةَ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُنَا كُلُّ نَبِيذٍ مُسْكِرٌ، وَالْمُشْتَمِلَةَ عَلَى الْحُكْمِ الْمُقَدِّمَةَ الثَّانِيَةَ وَهِيَ

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 31
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست