responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 272
أَعَمَّ مِنْ زَيْدٍ، وَزَيْدٌ أَخَصَّ مِنْ الصَّدِيقِ؛؛ لِأَنَّ الْمُبْتَدَأَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَخَصَّ مِنْ الْخَبَرِ، أَمَّا إذَا جَعَلَ الصَّدِيقَ مُبْتَدَأً فَقَالَ: صَدِيقِي زَيْدٌ، فَلَوْ كَانَ لَهُ صَدِيقٌ آخَرُ كَانَ الْمُبْتَدَأُ أَعَمَّ مِنْ الْخَبَرِ، وَالْخَبَرُ أَخَصَّ، وَكَانَ كَقَوْلِهِ: اللَّوْنُ سَوَادٌ، وَالْحَيَوَانُ إنْسَانٌ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ، وَإِنْ كَانَ عَكْسُهُ جَائِزًا. فَإِنْ قِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: صَدِيقِي زَيْدٌ، وَعَمْرٌو أَيْضًا، وَالْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ وَلِمَنْ كَاتَبَ وَلِمَنْ بَاعَ بِشَرْطِ الْعِتْقِ، وَلَوْ كَانَ لِلْحَصْرِ لَكَانَ هَذَا نَقْضًا لَهُ.
قُلْنَا: هُوَ لِلْحَصْرِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقْتَرِنَ بِهِ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْكَلَامِ مَا يُغَيِّرُهُ، كَمَا أَنَّ الْعَشَرَةَ لِمَعْنَاهَا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَتَّصِلَ بِهَا الِاسْتِثْنَاءُ، وَقَوْلُهُ: {فاُقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] ظَاهِرٌ فِي الْجَمِيعِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَقُولَ إلَّا زَيْدًا.

السَّابِعَةُ: مَدُّ الْحُكْمِ إلَى غَايَةٍ بِصِيغَةِ " إلَى "، وَ " حَتَّى " كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] ، وقَوْله تَعَالَى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ} [التوبة: 29] ، وَقَدْ أَصَرَّ عَلَى إنْكَارِ هَذَا أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَبَعْضُ الْمُنْكِرِينَ لِلْمَفْهُومِ، وَقَالُوا: هَذَا نُطْقٌ بِمَا قَبْلَ الْغَايَةِ، وَسُكُوتٌ عَمَّا بَعْدَ الْغَايَةِ، فَيَبْقَى عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ النُّطْقِ.
وَأَقَرَّ الْقَاضِي بِهَذَا؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] ، وَ {حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] لَيْسَ كَلَامًا مُسْتَقِلًّا، فَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِقَوْلِهِ: {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ} [البقرة: 222] ، وَقَوْلِهِ: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ} [البقرة: 230] ، فَيَكُونَ لَغْوًا مِنْ الْكَلَامِ، وَإِنَّمَا صَحَّ لِمَا فِيهِ مِنْ إضْمَارٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ: حَتَّى يَطْهُرْنَ فَاقْرُبُوهُنَّ، وَحَتَّى تَنْكِحَ فَتَحِلَّ، وَلِهَذَا يَقْبُحُ الِاسْتِفْهَامُ إذَا قَالَ: لَا تُعْطِ زَيْدًا حَتَّى يَقُومَ، وَلَوْ قَالَ: أَعْطِهِ إذَا قَامَ فَلَا يَحْسُنُ، إذْ مَعْنَاهُ: أَعْطِهِ إذَا قَامَ؛ وَلِأَنَّ الْغَايَةَ نِهَايَةٌ، وَنِهَايَةُ الشَّيْءِ مَقْطَعُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَقْطَعًا فَلَا يَكُونُ نِهَايَةً، فَإِنَّهُ إذَا قَالَ: اضْرِبْهُ حَتَّى يَتُوبَ، فَلَا يَحْسُنُ مَعَهُ أَنْ يَقُولَ: وَهَلْ أَضْرِبُهُ، وَإِنْ تَابَ؟ وَهَذَا، وَإِنْ كَانَ لَهُ ظُهُورٌ مَا، وَلَكِنْ لَا يَنْفَكُّ عَنْ نَظَرٍ، إذْ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ: كُلُّ مَا لَهُ ابْتِدَاءٌ فَغَايَتُهُ مَقْطَعٌ لِبِدَايَتِهِ، فَيَرْجِعُ الْحُكْمُ بَعْدَ الْغَايَةِ إلَى مَا كَانَ قَبْلَ الْبِدَايَةِ، فَيَكُونُ الْإِثْبَاتُ مَقْصُورًا أَوْ مَمْدُودًا إلَى الْغَايَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَيَكُونُ مَا بَعْدَ الْغَايَةِ كَمَا قَبْلَ الْبِدَايَةِ؛ فَإِذًا هَذِهِ الرُّتْبَةُ أَضْعَفُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى النَّفْيِ مِمَّا قَبْلَهَا

الرُّتْبَةُ الثَّامِنَةُ: لَا عَالِمَ فِي الْبَلَدِ إلَّا زَيْدٌ، وَهَذَا قَدْ أَنْكَرَهُ غُلَاةُ مُنْكِرِي الْمَفْهُومِ، وَقَالُوا: هَذَا نُطْقٌ بِالْمُسْتَثْنَى عَنْهُ، وَسُكُوتٌ عَنْ الْمُسْتَثْنَى، فَمَا خَرَجَ بِقَوْلِهِ " إلَّا " فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْكَلَامِ فَصَارَ الْكَلَامُ مَقْصُورًا عَلَى الْبَاقِي، وَهَذَا ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ؛ لِأَنَّ هَذَا صَرِيحٌ فِي النَّفْيِ، وَالْإِثْبَاتِ، فَمَنْ قَالَ: " لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ " لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى النَّفْيِ بَلْ أَثْبَتَ لِلَّهِ تَعَالَى الْأُلُوهِيَّةَ، وَنَفَاهَا عَنْ غَيْرِهِ، وَمَنْ قَالَ: لَا عَالِمَ إلَّا زَيْدٌ، وَلَا فَتًى إلَّا عَلِيٌّ، وَلَا سَيْفَ إلَّا ذُو الْفِقَارِ، فَقَدْ نَفَى، وَأَثْبَتَ قَطْعًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: «لَا صَلَاةَ إلَّا بِطُهُورٍ» ، وَ «لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ» ، وَ «لَا تَبِيعُوا الْبُرَّ بِالْبُرِّ إلَّا سَوَاءً بِسَوَاءٍ» هَذَا صِيغَةُ الشَّرْطِ، وَمُقْتَضَاهَا نَفْيُ الْمَنْفِيِّ عِنْدَ انْتِفَاءِ الشَّرْطِ فَلَيْسَ مَنْطُوقًا بِهِ بَلْ تَفْسُدُ الصَّلَاةُ مَعَ الطَّهَارَةِ لِسَبَبٍ آخَرَ، وَكَذَلِكَ النِّكَاحُ مَعَ الْوَلِيِّ، وَالْبَيْعُ مَعَ الْمُسَاوَاةِ، وَهَذَا عَلَى وَفْقِ قَاعِدَةِ الْمَفْهُومِ فَإِنَّ إثْبَاتَ الْحُكْمِ عِنْدَ ثُبُوتِ وَصْفٍ لَا يَدُلُّ عَلَى إبْطَالِهِ عِنْدَ انْتِفَائِهِ بَلْ يَبْقَى عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ النُّطْقِ، وَكَذَلِكَ نَفْيُهُ عِنْدَ انْتِفَاءِ شَيْءٍ لَا يَدُلُّ عَلَى

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 272
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست