responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 265
مُتَأَخِّرًا عَنْهُ، وَهَذَا قَدْ يُسَمَّى مَفْهُومَ الْمُوَافَقَةِ، وَقَدْ يُسَمَّى فَحْوَى اللَّفْظِ وَلِكُلِّ فَرِيقٍ اصْطِلَاحٌ آخَرُ فَلَا تَلْتَفِتْ إلَى الْأَلْفَاظِ وَاجْتَهِدْ فِي إدْرَاكِ حَقِيقَةِ هَذَا الْجِنْسِ.

[الضَّرْبُ الْخَامِسُ هُوَ الْمَفْهُومُ]
ُ، وَمَعْنَاهُ الِاسْتِدْلَال بِتَخْصِيصِ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهُ، وَيُسَمَّى مَفْهُومًا؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ مُجَرَّدٌ لَا يَسْتَنِدُ إلَى مَنْطُوقٍ، وَإِلَّا فَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْمَنْطُوقُ أَيْضًا مَفْهُومٌ، وَرُبَّمَا سُمِّيَ هَذَا دَلِيلَ الْخِطَابِ، وَلَا الْتِفَاتَ إلَى الْأَسَامِي، وَحَقِيقَتُهُ أَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِأَحَدِ وَصْفَيْ الشَّيْءِ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِهِ عَمَّا يُخَالِفُهُ فِي الصِّفَةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} [المائدة: 95] ، وَكَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «فِي سَائِمَةِ الْغَنَمِ الزَّكَاةُ» «، وَالثَّيِّبُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا» «، وَمَنْ بَاعَ نَخْلَةً مُؤَبَّرَةً فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ» فَتَخْصِيصُ الْعَمْدِ، وَالسَّوْمِ وَالثُّيُوبَةِ، وَالتَّأْبِيرِ بِهَذِهِ الْأَحْكَامِ هَلْ يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ عَمَّا عَدَاهَا؟ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالْأَكْثَرُونَ مِنْ أَصْحَابِهِمَا: إنَّهُ يَدُلُّ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأَشْعَرِيُّ إذْ احْتَجَّ فِي إثْبَاتِ خَبَرِ الْوَاحِدِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} [الحجرات: 6] قَالَ: هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَدْلَ بِخِلَافِهِ.
وَاحْتَجَّ فِي مَسْأَلَةِ الرُّؤْيَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {كَلًّا إنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ} [المطففين: 15] قَالَ: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ بِخِلَافِهِمْ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ، وَمِنْهُمْ الْقَاضِي، وَجَمَاعَةٌ مِنْ حُذَّاقِ الْفُقَهَاءِ، وَمِنْهُمْ ابْنُ شُرَيْحٍ: إنَّ ذَلِكَ لَا دَلَالَةَ لَهُ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ عِنْدَنَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَسَالِكُ الْأَوَّلُ: أَنَّ إثْبَاتَ زَكَاةِ السَّائِمَةِ مَفْهُومٌ، أَمَّا نَفْيُهَا عَنْ الْمَعْلُوفَةِ اقْتِبَاسًا مِنْ مُجَرَّدِ الْإِثْبَاتِ لَا يُعْلَمُ إلَّا بِنَقْلٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ مُتَوَاتِرٍ أَوْ جَارٍ مَجْرَى الْمُتَوَاتِرِ، وَالْجَارِي مَجْرَى الْمُتَوَاتِرِ كَعِلْمِنَا بِأَنَّ قَوْلَهُمْ " ضَرُوبٌ، وَقَتُولٌ "، وَأَمْثَالَهُ لِلتَّكْثِيرِ، وَأَنَّ قَوْلَهُمْ عَلِيمٌ، وَأَعْلَمُ، وَقَدِيرٌ، وَأَقْدَرُ " لِلْمُبَالَغَةِ، أَعْنِي: الْأَفْعَلَ. أَمَّا نَقْلُ الْآحَادِ فَلَا يَكْفِي إذْ الْحُكْمُ عَلَى لُغَةٍ يُنَزَّلُ عَلَيْهَا كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى بِقَوْلِ الْآحَادِ مَعَ جَوَازِ الْغَلَطِ لَا سَبِيلَ إلَيْهِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَمَنْ نَفَى الْمَفْهُومَ افْتَقَرَ إلَى نَقْلٍ مُتَوَاتِرٍ أَيْضًا. قُلْنَا: لَا حَاجَةَ إلَى حُجَّةٍ فِيمَا لَمْ يَضَعُوهُ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَتَنَاهَى، إنَّمَا الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ يَدَّعِي الْوَضْعَ.
الثَّانِي: حُسْنُ الِاسْتِفْهَامِ، فَإِنَّ مَنْ قَالَ: ضَرَبَكَ زَيْدٌ عَامِدًا فَاضْرِبْهُ حَسُنَ أَنْ يَقُولَ: فَإِنْ ضَرَبَنِي خَاطِئًا أَفَأَضْرِبْهُ؟ ، وَإِذَا قَالَ: أَخْرِجْ الزَّكَاةَ مِنْ مَاشِيَتِكَ السَّائِمَةِ حَسُنَ أَنْ يَقُولَ: هَلْ أُخْرِجُهَا مِنْ الْمَعْلُوفَةِ، وَحُسْنُ الِاسْتِفْهَامِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مَفْهُومٍ، فَإِنَّهُ لَا يَحْسُنُ فِي الْمَنْطُوقِ، وَحَسُنَ فِي الْمَسْكُوتِ عَنْهُ. فَإِنْ قِيلَ: حَسُنَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَا يُرَادُ بِهِ النَّفْيُ مَجَازًا.
قُلْنَا: الْأَصْلُ أَنَّهُ إذَا احْتَمَلَ ذَلِكَ كَانَ حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا يُرَدُّ إلَى الْمَجَازِ بِضَرُورَةِ دَلِيلٍ، وَلَا دَلِيلَ.
الْمَسْلَكُ الثَّالِثُ: أَنَّا نَجِدُهُمْ يُعَلِّقُونَ الْحُكْمَ عَلَى الصِّفَةِ تَارَةً مَعَ مُسَاوَاةِ الْمَسْكُوتِ عَنْهُ لِلْمَنْطُوقِ، وَتَارَةً مَعَ الْمُخَالَفَةِ فَالثُّبُوتُ لِلْمَوْصُوفِ مَعْلُومٌ مَنْطُوقٌ، وَالنَّفْيُ عَنْ الْمَسْكُوتِ مُحْتَمَلٌ، فَلْيَكُنْ عَلَى الْوَقْفِ إلَى الْبَيَانِ بِقَرِينَةٍ زَائِدَةٍ، وَدَلِيلٍ آخَرَ. أَمَّا دَعْوَى كَوْنِهِ مَجَازًا عِنْدَ الْمُوَافَقَةِ حَقِيقَةً عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ فَتَحَكُّمٌ بِغَيْرِ دَلِيلٍ يُعَارِضُهُ عَكْسُهُ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ.
الْمَسْلَكُ الرَّابِعُ: أَنَّ الْخَبَرَ عَنْ ذِي الصِّفَةِ لَا يَنْفِي غَيْرَ الْمَوْصُوفِ، فَإِذَا قَالَ: قَامَ

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 265
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست