responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 238
مُحْتَمَلَاتِهِ، وَالْعُمُومُ مَا يَتَسَاوَى بِالنِّسْبَةِ إلَى دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ، بَلْ الْفِعْلُ كَاللَّفْظِ الْمُجْمَلِ الْمُتَرَدِّدِ بَيْنَ مَعَانٍ مُتَسَاوِيَةٍ فِي صَلَاحِ اللَّفْظِ.
وَمِثَالُهُ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ صَلَّى بَعْدَ غَيْبُوبَةِ الشَّفَقِ» فَقَالَ قَائِلٌ: الشَّفَقُ شَفَقَانِ الْحُمْرَةُ، وَالْبَيَاضُ، وَأَنَا أَحْمِلُهُ عَلَى وُقُوعِ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَهُمَا جَمِيعًا وَكَذَلِكَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْكَعْبَةِ فَلَيْسَ لِقَائِلٍ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ الْفَرْضِ فِي الْبَيْتِ مَصِيرًا إلَى أَنَّ الصَّلَاةَ تَعُمُّ النَّفَلَ، وَالْفَرْضَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَعُمُّ لَفْظُ الصَّلَاةِ لَا فِعْلُ الصَّلَاةِ، أَمَّا الْفِعْلُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فَرْضًا فَلَا يَكُونَ نَفْلًا أَوْ يَكُونَ نَفْلًا فَلَا يَكُونَ فَرْضًا.

[مَسْأَلَةٌ فِعْلُ النَّبِيِّ]
ِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَمَا لَا عُمُومَ لَهُ بِالْإِضَافَةِ إلَى أَحْوَالِ الْفِعْلِ فَلَا عُمُومَ لَهُ بِالْإِضَافَةِ إلَى غَيْرِهِ
بَلْ يَكُونُ خَاصًّا فِي حَقِّهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ: أُرِيدُ بِالْفِعْلِ بَيَانُ حُكْمِ الشَّرْعِ فِي حَقِّكُمْ كَمَا قَالَ «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» بَلْ نَزِيدُ، وَنَقُولُ: قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ} [الأحزاب: 1] وَقَوْلُهُ: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65] يَخْتَصُّ بِهِ بِحُكْمِ اللَّفْظِ، وَإِنَّمَا يُشَارِكُهُ غَيْرُهُ بِدَلِيلٍ لَا بِمُوجَبِ هَذَا اللَّفْظِ، كَقَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67] وقَوْله تَعَالَى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرْ} [الحجر: 94] وَقَالَ قَوْمٌ مَا ثَبَتَ فِي حَقِّهِ فَهُوَ ثَابِتٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِ إلَّا مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ خَاصٌّ بِهِ، وَهَذَا فَاسِدٌ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ إذْ قُسِّمَتْ إلَى خَاصٍّ، وَعَامٍّ فَالْأَصْلُ اتِّبَاعُ مُوجَبِ الْخِطَابِ فَمَا ثَبَتَ بِمِثْلِ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 104] ، وَ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} [البقرة: 21] ، وَ {يَا عِبَادِي} [الزمر: 53] ، وَيَا {أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ} [النور: 31] فَيَتَنَاوَلُ النَّبِيَّ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ بِدَلِيلٍ، وَمَا ثَبَتَ لِلنَّبِيِّ كَقَوْلِهِ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ} [الأنفال: 64] فَيَخْتَصُّ بِهِ إلَّا مَا دَلَّ الدَّلِيلُ عَلَى الْإِلْحَاقِ.
وقَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ} [الطلاق: 1] عَامٌّ لِأَنَّ ذِكْرَ النَّبِيِّ جَرَى فِي صَدْرِ الْكَلَامِ تَشْرِيفًا، وَإِلَّا فَقَوْلُهُ: {طَلَّقْتُمْ} [الطلاق: 1] عَامٌّ فِي صِيغَتِهِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي هُرَيْرَةَ " افْعَلْ " وَلِابْنِ عُمَرَ " رَاجِعْهَا " خَاصٌّ إنَّمَا يَشْمَلُ الْحُكْمُ غَيْرَهُ بِدَلِيلٍ آخَرَ مِثْلِ قَوْلِهِ: «حُكْمِي عَلَى الْوَاحِدِ حُكْمِي عَلَى الْجَمَاعَةِ» أَوْ مَا جَرَى مَجْرَاهُ.

[مَسْأَلَةٌ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ كَذَا]
مَسْأَلَةٌ قَوْلُ الصَّحَابِيِّ: " نَهَى النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ كَذَا " كَبَيْعِ الْغَرَرِ، وَنِكَاحِ الشِّغَارِ، وَغَيْرِهِ لَا عُمُومَ لَهُ لِأَنَّ الْحُجَّةَ فِي الْمَحْكِيِّ لَا فِي قَوْلِ الْحَاكِي، وَلَفْظِهِ، وَمَا رَوَاهُ الصَّحَابِيُّ مِنْ حَكَى النَّهْيِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ فِعْلًا لَا عُمُومَ لَهُ نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَفْظًا خَاصًّا، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لَفْظًا عَامًّا فَإِذَا تَعَارَضَتْ الِاحْتِمَالَاتُ لَمْ يَكُنْ إثْبَاتُ الْعُمُومِ بِالتَّوَهُّمِ؛ فَإِذَا قَالَ الصَّحَابِيُّ: " نُهِيَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ " فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ رَأَى شَخْصًا بَاعَ رُطَبًا بِتَمْرٍ فَنَهَاهُ فَقَالَ الرَّاوِي مَا قَالَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ سَمِعَ الرَّسُولَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَنْهَى عَنْهُ، وَيَقُولُ: " أَنْهَاكُمْ عَنْ بِيَعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ "، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَدْ سُئِلَ عَنْ وَاقِعَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَنَهَى عَنْهَا فَالتَّمَسُّكُ بِعُمُومِ هَذَا تَمَسُّكٌ بِتَوَهُّمِ الْعُمُومِ لَا بِلَفْظٍ عُرِفَ عُمُومُهُ بِالْقَطْعِ، وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَرَى هَذَا حُجَّةً فِي أَصْلِ النَّهْيِ.
وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: لَا بُدَّ أَنْ يَحْكِيَ الصَّحَابِيُّ قَوْلَ الرَّسُولِ، وَلَفْظَهُ، وَإِلَّا فَرُبَّمَا سَمِعَ مَا يَعْتَقِدُهُ نَهْيًا بِاجْتِهَادِهِ، وَلَا يَكُونُ نَهْيًا، فَإِنَّ قَوْلَهُ: " لَا تَفْعَلْ " فِيهِ خِلَافٌ أَنَّهُ لِلنَّهْيِ أَمْ لَا وَكَذَلِكَ فِي أَلْفَاظٍ أُخَرَ. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ " نُسِخَ "

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 238
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست