responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 216
جَمِيعَ ذَلِكَ تَقْيِيدٌ لِلْمَأْمُورِ بِصِفَةٍ، وَالْعَارِي عَنْ تِلْكَ الصِّفَةِ لَا يَتَنَاوَلُهُ اللَّفْظُ بَلْ يَبْقَى عَلَى مَا كَانَ قَبْلَ الْأَمْرِ. فَإِنْ قِيلَ: الْوَقْتُ لِلْعِبَادَةِ كَالْأَجَلِ لِلدَّيْنِ، فَكَمَا لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ بِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ لَا تَسْقُطُ الصَّلَاةُ الْوَاجِبَةُ فِي الذِّمَّةِ بِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ. قُلْنَا: مِثَالُ الْأَجَلِ الْحَوْلُ فِي الزَّكَاةِ لَا جَرَمَ لَا تَسْقُطُ الزَّكَاةُ بِانْقِضَائِهِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ مُهْلَةٌ لِتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ حَتَّى يُنَجَّزَ بَعْدَ الْمُدَّةِ، وَأَمَّا الْوَقْتُ فَقَدْ صَارَ وَصْفًا لِلْوَاجِبِ كَالْمَكَانِ، وَالشَّخْصِ، وَمَنْ أُوجِبَ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِصِفَةٍ فَإِذَا أَتَى بِهِ لَا عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ لَمْ يَكُنْ مُمْتَثِلًا. نَعَمْ يَجِبُ الْقَضَاءُ فِي الشَّرْعِ إمَّا بِنَصٍّ كَقَوْلِهِ: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» أَوْ بِقِيَاسٍ، فَإِنَّا نَقِيسُ الصَّوْمَ إذَا نَسِيَهُ عَلَى الصَّلَاةِ إذَا نَسِيَهَا، وَنَرَاهُ فِي مَعْنَاهَا، وَلَا نَقِيسُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةَ، وَلَا الْأُضْحِيَّةَ فَإِنَّهُمَا لَا يُقْضَيَانِ فِي غَيْرِ وَقْتِهِمَا، وَفِي رَمْيِ الْجِمَارِ تُرُدِّدَ أَنَّهُ بِأَيِّ الْأَصْلَيْنِ أَشْبَهُ، وَلَا نَقِيسُ صَلَاةَ الْحَائِضِ عَلَى صَوْمِهَا فِي الْقَضَاءِ لِفَرْقِ النَّصِّ، وَلَا نَقِيسُ صَلَاةَ الْكَافِرِ، وَزَكَاتَهُ عَلَى صَلَاةِ الْمُرْتَدِّ، وَإِنْ تَسَاوَيَا فِي أَصْلِ الْأَمْرِ، وَالْوُجُوبِ عِنْدَنَا.

[مَسْأَلَةٌ الْأَمْرَ يَقْتَضِي وُقُوعَ الْإِجْزَاءِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ إذَا اُمْتُثِلَ]
مَسْأَلَةٌ ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي وُقُوعَ الْإِجْزَاءِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ إذَا اُمْتُثِلَ ذَهَبَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ إلَى أَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي وُقُوعَ الْإِجْزَاءِ بِالْمَأْمُورِ بِهِ إذَا اُمْتُثِلَ
وَقَالَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ: لَا يَدُلُّ عَلَى الْإِجْزَاءِ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ طَاعَةً وَقُرْبَةً، وَسَبَبَ ثَوَابٍ، وَامْتِثَالًا لَكِنْ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الِامْتِثَالُ مِنْ وُجُوبِ الْقَضَاءِ، وَلَا يَلْزَمُ حُصُولُ الْإِجْزَاءِ بِالْأَدَاءِ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ أَفْسَدَ حَجَّهُ فَهُوَ مَأْمُورٌ بِالْإِتْمَامِ، وَلَا يُجْزِئُهُ بَلْ يَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ، وَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ فَهُوَ مَأْمُورٌ بِالصَّلَاةِ، وَمُمْتَثِلٌ إذَا صَلَّى، وَمُطِيعٌ، وَمُتَقَرِّبٌ، وَيَلْزَمُهُ الْقَضَاءُ، فَلَا يُمْكِنُ إنْكَارُ كَوْنِهِ مَأْمُورًا، وَلَا إنْكَارُ كَوْنِهِ مُمْتَثِلًا حَتَّى يَسْقُطَ الْعِقَابُ، وَلَا إنْكَارُ كَوْنِهِ مَأْمُورًا بِالْقَضَاءِ؛ فَهَذِهِ أُمُورٌ مَقْطُوعٌ بِهَا، وَالصَّوَابُ عِنْدَنَا أَنْ نُفَصِّلَ، وَنَقُولَ: إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْقَضَاءَ يَجِبُ بِأَمْرٍ مُتَجَدِّدٍ، وَأَنَّهُ مِثْلُ الْوَاجِبِ الْأَوَّلِ فَالْأَمْرُ بِالشَّيْءِ لَا يَمْنَعُ إيجَابَ مِثْلِهِ بَعْدَ الِامْتِثَالِ، وَهَذَا لَا شَكَّ فِيهِ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ الْمِثْلَ إنَّمَا يُسَمَّى قَضَاءً إذَا كَانَ فِيهِ تَدَارُكٌ لِفَائِتٍ مِنْ أَصْلِ الْعِبَادَةِ أَوْ وَصْفِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَوَاتٌ، وَخَلَلٌ اسْتَحَالَ تَسْمِيَتُهُ قَضَاءً فَنَقُولُ: الْأَمْرُ يَدُلُّ عَلَى إجْزَاءِ الْمَأْمُورِ إذَا أُدِّيَ بِكَمَالِ وَصْفِهِ، وَشَرْطِهِ مِنْ غَيْرِ خَلَلٍ، وَإِنْ تَطَرَّقَ إلَيْهِ خَلَلٌ كَمَا فِي الْحَجِّ الْفَاسِدِ، وَالصَّلَاةِ عَلَى غَيْرِ الطَّهَارَةِ فَلَا يَدُلُّ الْأَمْرُ عَلَى إجْزَائِهِ بِمَعْنَى مَنْعِ إيجَابِ الْقَضَاءِ.
فَإِنْ قِيلَ: فَاَلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ مُتَطَهِّرٌ مَأْمُورٌ بِالصَّلَاةِ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ أَوْ مَأْمُورٌ بِالطَّهَارَةِ؟ فَإِنْ كَانَ مَأْمُورًا بِالطَّهَارَةِ مَعَ تَنَجُّزِ الصَّلَاةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَاصِيًا، وَإِنْ كَانَ مَأْمُورًا بِالصَّلَاةِ عَلَى حَالَتِهِ فَقَدْ امْتَثَلَ مِنْ غَيْرِ خَلَلٍ، فَبِمَ عُقِلَ إيجَابُ الْقَضَاءِ؟ وَكَذَلِكَ الْمَأْمُورُ بِإِتْمَامِ الْحَجِّ الْفَاسِدِ أَتَمَّ كَمَا أُمِرَ. قُلْنَا: هَذَا مَأْمُورٌ بِالصَّلَاةِ مَعَ الْخَلَلِ بِضَرُورَةِ نِسْيَانِهِ فَقَدْ أَتَى بِصَلَاةٍ مُخْتَلَّةٍ فَاقِدَةٍ شَرْطَهَا لِضَرُورَةِ حَالِهِ فَعُقِلَ الْأَمْرُ لِتَدَارُكِ الْخَلَلِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ الْخَلَلُ لَا عَنْ قَصْدٍ، وَلَا عَنْ نِسْيَانٍ فَلَا تَدَارُكَ فِيهِ فَلَا يُعْقَلُ إيجَابُ قَضَائِهِ، وَهُوَ الْمَعْنِيُّ بِإِجْزَائِهِ. كَذَلِكَ مُفْسِدُ الْحَجِّ مَأْمُورٌ بِحَجٍّ خَالٍ عَنْ فَسَادٍ وَقَدْ فَوَّتَ عَلَى نَفْسِهِ ذَلِكَ فَيَقْضِيهِ.

[مَسْأَلَةٌ الْأَمْرُ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ لَيْسَ أَمْرًا مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ]
ٌ الْأَمْرُ بِالْأَمْرِ بِالشَّيْءِ لَيْسَ أَمْرًا مَا لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ
مِثَالُهُ قَوْله تَعَالَى لِنَبِيِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [التوبة: 103] لَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْأَدَاءِ بِمُجَرَّدِهِ عَلَى الْأُمَّةِ، وَرُبَّمَا ظَنَّ ظَانٌّ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ؛

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 216
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست