responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 213
لَا يَتَعَرَّضُ لِلسَّبْعَةِ، وَالْعَشَرَةِ، وَلَيْسَتْ الْأَعْدَادُ مَوْجُودَاتٍ فَيَكُونُ اسْمُ الصَّوْمِ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا اشْتِرَاكَ اسْمِ الزَّوْجَةِ بَيْنَ النِّسْوَةِ الزَّوْجَاتِ.
شُبَهُ الْمُخَالِفِينَ ثَلَاثَةٌ: الشُّبْهَةُ الْأُولَى: قَوْلُهُمْ: قَوْلُهُ: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] يَعُمُّ قَتْلَ كُلِّ مُشْرِكٍ، فَقَوْلُهُ: " صُمْ، وَصَلِّ " يَنْبَغِي أَنْ يَعُمَّ كُلَّ زَمَانٍ لِأَنَّ إضَافَتَهُ إلَى جَمِيعِ الْأَزْمَانِ وَاحِدٌ كَإِضَافَةِ لَفْظِ الْمُشْتَرَكِ إلَى جَمِيعِ الْأَشْخَاصِ.
قُلْنَا: إنْ سَلَّمْنَا صِيغَةَ الْعُمُومِ فَلَيْسَ هَذَا نَظِيرًا لَهُ، بَلْ نَظِيرُهُ أَنْ يُقَالَ " صُمْ الْأَيَّامَ، وَصَلِّ فِي الْأَوْقَاتِ " أَمَّا مُجَرَّدُ قَوْلِهِ: " صُمْ " فَلَا يَتَعَرَّضُ لِلزَّمَانِ لَا بِعُمُومٍ، وَلَا بِخُصُوصٍ، لَكِنَّ الزَّمَانَ مِنْ ضَرُورَتِهِ كَالْمَكَانِ، وَلَا يَجِبُ عُمُومُ الْأَمَاكِنِ بِالْفِعْلِ، وَإِنْ كَانَ نِسْبَةُ الْفِعْلِ إلَى كُلِّ مَكَان عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَكَذَلِكَ الزَّمَانُ.
الشُّبْهَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُمْ: إنَّ قَوْلَهُ: " صُمْ " كَقَوْلِهِ: " لَا تَصُمْ "، وَمُوجَبُ النَّهْيِ تَرْكُ الصَّوْمِ أَبَدًا، فَلْيَكُنْ مُوجَبُ الْأَمْرِ فِعْلُ الصَّوْمِ أَبَدًا، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ، فَقَوْلُهُ: " قُمْ " وَقَوْلُهُ: " لَا تَقْعُدْ وَاحِدٌ، وَقَوْلُهُ: " تَحَرَّكْ " وَقَوْلُهُ: " لَا تَسْكُنْ " وَاحِدٌ، وَلَوْ قَالَ " لَا تَسْكُنْ " لَزِمَتْ الْحَرَكَةُ دَائِمًا، فَقَوْلُهُ: " تَحَرَّكْ " تَضَمَّنَ قَوْلَهُ: " لَا تَسْكُنْ ".
قُلْنَا: أَمَّا قَوْلُكُمْ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ فَقَدْ أَبْطَلْنَاهُ فِي الْقُطْبِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ سَلَّمْنَا فَعُمُومُ النَّهْيِ الَّذِي هُوَ ضُمِّنَ بِحَسَبِ الْأَمْرِ الْمُتَضَمَّنِ لِأَنَّهُ تَابِعٌ لَهُ، فَلَوْ قَالَ " تَحَرَّكْ مَرَّةً وَاحِدَةً " كَانَ السُّكُونُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مَقْصُورًا عَلَى الْمَرَّةِ وَقَوْلُهُ: " تَحَرَّكْ " كَقَوْلِهِ: " تَحَرَّكْ مَرَّةً وَاحِدَةً " كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ، وَأَمَّا قِيَاسُهُمْ الْأَمْرَ عَلَى النَّهْيِ فَبَاطِلٌ مِنْ خَمْسَةِ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ الْقِيَاسَ بَاطِلٌ فِي اللُّغَاتِ لِأَنَّهَا تَثْبُتُ تَوْقِيفًا.
الثَّانِي: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ فِي النَّهْيِ لُزُومَ الِانْتِهَاءِ مُطْلَقًا بِمُجَرَّدِ اللَّفْظِ، بَلْ لَوْ قِيلَ: لِلصَّائِمِ " لَا تَصُمْ " يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ " نَهَانِي عَنْ صَوْمِ هَذَا الْيَوْمِ أَوْ عَنْ الصَّوْمِ أَبَدًا؟ " فَيَسْتَفْسِرُ، بَلْ التَّصْرِيحُ أَنْ يَقُولَ: " لَا تَصُمْ أَبَدًا، وَلَا تَصُمْ يَوْمًا وَاحِدًا " فَإِذَا اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: " لَا تَصُمْ " فَانْتَهَى يَوْمًا وَاحِدًا جَازَ أَنْ يُقَالَ: قَضَى حَقَّ النَّهْيِ، وَلَا يُغْنِيهِمْ عَنْ هَذَا الِاسْتِرْوَاحُ إلَى الْمَنَاهِي الشَّرْعِيَّةِ، وَالْعُرْفِيَّةِ، وَحَمْلُهَا عَلَى الدَّوَامِ، فَإِنَّ هَذَا الْقَائِلَ يَقُولُ: عَرَفْتُ ذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ أَفَادَتْ عِلْمًا ضَرُورِيًّا بِأَنَّ الشَّرْعَ يُرِيدُ عَدَمَ الزِّنَا، وَالسَّرِقَةِ، وَسَائِرِ الْفَوَاحِشِ مُطْلَقًا، وَفِي كُلِّ حَالٍ لَا بِمُجَرَّدِ صِيغَةِ النَّهْيِ.
وَهَذَا كَمَا أَنَّا نُوجِبُ الْإِيمَانَ دَائِمًا لَا بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ: " آمِنُوا " لَكِنَّ الْأَدِلَّةَ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ دَوَامَ الْإِيمَانِ مَقْصُودٌ.
الثَّالِثُ: أَنَّا نُفَرِّقُ، وَلَعَلَّهُ الْأَصَحُّ، فَنَقُولُ: إنَّ الْأَمْرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَأْمُورَ يَنْبَغِي أَنْ يُوجَدَ مُطْلَقًا، وَالنَّهْيَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُوجَدَ مُطْلَقًا، وَالنَّفْيَ الْمُطْلَقَ يَعُمُّ، وَالْوُجُودَ الْمُطْلَقَ لَا يَعُمُّ؛ فَكُلُّ مَا وُجِدَ مَرَّةً فَقَدْ وُجِدَ مُطْلَقًا، وَمَا انْتَفَى مَرَّةً فَمَا انْتَفَى مُطْلَقًا؛ وَلِذَلِكَ إذَا قَالَ فِي الْيَمِينِ " لَأَفْعَلَنَّ بَرَّ بِمَرَّةٍ، وَلَوْ قَالَ " لَا أَفْعَلُ حَنِثَ بِمَرَّةٍ، وَمَنْ قَالَ " لَأَصُومَنَّ " صَدَقَ، وَعْدُهُ بِمَرَّةٍ، وَمَنْ قَالَ " لَا أَصُومُ " كَانَ كَاذِبًا مَهْمَا صَامَ مَرَّةً.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ لَوْ حُمِلَ الْأَمْرُ عَلَى التَّكْرَارِ لَتَعَطَّلَتْ الْأَشْغَالُ كُلُّهَا، وَحَمْلُ النَّهْيِ عَلَى

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 213
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست