responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 184
إخْرَاجِ السُّجُودِ وَالرُّكُوعِ مِنْ نَفْسِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ كَالْمُهِمِّ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ، إذْ مَا يُصَوِّرهُ الشَّرْعُ مِنْ الْعِبَادَاتِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهَا أَسَامٍ مَعْرُوفَةٌ وَلَا يُوجَدُ ذَلِكَ فِي اللُّغَةِ إلَّا بِنَوْعِ تَصَرُّفٍ فِيهِ. وَأَمَّا مَا اُسْتُدِلَّ بِهِ مِنْ أَنَّ الْقُرْآنَ عَرَبِيٌّ فَهَذَا لَا يُخْرِجُ هَذِهِ الْأَسَامِيَ عَنْ أَنْ تَكُونَ عَرَبِيَّةً وَلَا يُسْلَبُ اسْمُ الْعَرَبِيِّ عَنْ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ لَوْ اشْتَمَلَ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ بِالْعَجَمِيَّةِ لَكَانَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ عَرَبِيًّا أَيْضًا كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْقُطْبِ الْأَوَّلِ مِنْ الْكِتَابِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: إنَّهُ كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْقِيفُ عَلَى تَصَرُّفِهِ، فَهَذَا أَيْضًا إنَّمَا يَجِبُ إذَا لَمْ يُفْهَمْ مَقْصُودُهُ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بِالتَّكْرِيرِ وَالْقَرَائِنِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، فَإِذَا فُهِمَ هَذَا فَقَدْ حَصَلَ الْغَرَضُ، فَهَذَا أَقْرَبُ عِنْدَنَا مِمَّا ذَكَرَهُ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ -.

[الْفَصْلُ الْخَامِسُ فِي الْكَلَامِ الْمُفِيدِ]
ِ فِي الْكَلَامِ الْمُفِيدِ.
اعْلَمْ أَنَّ الْأُمُورَ مُنْقَسِمَةٌ إلَى مَا يَدُلُّ عَلَى غَيْرِهِ وَإِلَى مَا لَا يَدُلُّ. فَأَمَّا مَا يَدُلُّ فَيَنْقَسِمُ إلَى مَا يَدُلُّ بِذَاتِهِ وَهُوَ الْأَدِلَّةُ الْعَقْلِيَّةُ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَجَامِعَ أَقْسَامِهَا فِي مَدَارِكِ الْعُقُولِ مِنْ مُقَدِّمَةِ الْكِتَابِ. وَإِلَى مَا يَدُلُّ بِالْوَضْعِ، وَهُوَ يَنْقَسِمُ إلَى صَوْتٍ وَغَيْرِ صَوْتٍ كَالْإِشَارَةِ وَالرَّمْزِ. وَالصَّوْتُ يَنْقَسِمُ فِي دَلَالَتِهِ إلَى مُفِيدٍ وَغَيْرِ مُفِيدٍ، وَالْمُفِيدُ كَقَوْلِكَ زَيْدٌ قَائِمٌ وَزَيْدٌ خَرَجَ رَاكِبًا، وَغَيْرُ الْمُفِيدِ كَقَوْلِكَ زَيْدٌ لَا وَعَمْرٌو فِي؛ فَإِنَّ هَذَا لَا يَحْصُلُ مِنْهُ مَعْنًى، وَإِنْ كَانَ آحَادُ كَلِمَاتِهِ مَوْضُوعَةً لِلدَّلَالَةِ.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَةِ هَذَا كَلَامًا، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ هُوَ كَمَقْلُوبِ رَجُلٍ وَزَيْدٍ " لِجَرِّ " وَ " ديز "، فَإِنَّ هَذَا لَا يُسَمَّى كَلَامًا، وَمِنْهُمْ مَنْ سَمَّاهُ كَلَامًا لِأَنَّ آحَادَهُ وُضِعَتْ لِلْإِفَادَةِ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُفِيدَ مِنْ الْكَلَامِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: اسْمٌ وَفِعْلٌ وَحَرْفٌ كَمَا فِي عِلْمِ النَّحْوِ، وَهَذَا لَا يَكُونُ مُفِيدًا حَتَّى يَشْتَمِلَ عَلَى اسْمَيْنِ أُسْنِدَ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ نَحْوَ زَيْدٌ أَخُوكَ، وَاَللَّهُ رَبُّكَ، أَوْ اسْمٍ أُسْنِدَ إلَى فِعْلٍ نَحْوَ قَوْلِكَ ضَرَبَ زَيْدٌ وَقَامَ عَمْرٌو. وَأَمَّا الِاسْمُ وَالْحَرْفُ كَقَوْلِكَ زَيْدٌ مِنْ وَعَمْرٌو فِي، فَلَا يُفِيدُ حَتَّى نَقُولَ مِنْ مُضَرَ وَفِي الدَّارِ وَكَذَلِكَ قَوْلُكَ ضَرَبَ قَامَ لَا يُفِيدُ إذَا لَمْ يَتَخَلَّلْهُ اسْمٌ، وَكَذَلِكَ قَوْلُكَ مِنْ فِي قَدْ عَلَى. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَكَّبَ مِنْ الِاسْمِ وَالْفِعْلِ وَالْحَرْفِ تَرْكِيبًا مُفِيدًا يَنْقَسِمُ إلَى مُسْتَقِلٍّ بِالْإِفَادَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَإِلَى مَا لَا يَسْتَقِلُّ بِالْإِفَادَةِ إلَّا بِقَرِينَةٍ وَإِلَى مَا يَسْتَقِلُّ بِالْإِفَادَةِ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ.
مِثَالُ الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا} [الإسراء: 32] وَ {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29] وَذَلِكَ يُسَمَّى نَصًّا لِظُهُورِهِ، وَالنَّصُّ فِي السَّيْرِ هُوَ الظُّهُورُ فِيهِ، وَمِنْهُ مِنَصَّةُ الْعَرُوسِ لِلْكُرْسِيِّ الَّذِي تَظْهَرُ عَلَيْهِ. وَالنَّصُّ ضَرْبَانِ ضَرْبٌ هُوَ نَصٌّ بِلَفْظِهِ وَمَنْظُومِهِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ، وَضَرْبٌ هُوَ نَصٌّ بِفَحْوَاهُ وَمَفْهُومِهِ نَحْوَ قَوْله تَعَالَى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] {وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [النساء: 77] {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] {وَمِنْهُمْ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إلَيْكَ} [آل عمران: 75] فَقَدْ اتَّفَقَ أَهْلُ اللُّغَةِ عَلَى أَنَّ فَهْمَ مَا فَوْقَ التَّأْفِيفِ مِنْ الضَّرْبِ وَالشَّتْمِ وَمَا وَرَاءَ الْفَتِيلِ وَالذَّرَّةِ مِنْ الْمِقْدَارِ الْكَثِيرِ أَسْبَقُ إلَى الْفَهْمِ مِنْهُ مِنْ نَفْسِ الذَّرَّةِ وَالْفَتِيلِ وَالتَّأْفِيفِ. وَمَنْ قَالَ: إنَّ هَذَا مَعْلُومٌ بِالْقِيَاسِ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّ الْمَسْكُوتَ عَنْهُ عُرِفَ بِالْمَنْطُوقِ فَهُوَ حَقٌّ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى تَأَمُّلٍ أَوْ يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ احْتِمَالٌ فَهُوَ غَلَطٌ.
وَأَمَّا الَّذِي لَا يَسْتَقِلُّ إلَّا بِقَرِينَةٍ فَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} [البقرة: 237] وَقَوْلِهِ {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] وَكُلُّ لَفْظٍ مُشْتَرَكٍ وَمُبْهَمٍ، كَقَوْلِهِ: رَأَيْتُ أَسَدًا وَحِمَارًا

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 184
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست