responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 135
الْمُطْلَقِ فَذَلِكَ فِي حَقِّ شَخْصٍ نَعْرِفُ عَيْنَهُ وَلَا يُعْرَفُ بِفِسْقٍ، أَمَّا مَنْ لَمْ نَعْرِفْ عَيْنَهُ فَلَعَلَّهُ لَوْ ذَكَرَهُ لَعَرَفْنَاهُ بِفِسْقٍ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ الْمُعَدِّلُ، وَإِنَّمَا يُكْتَفَى فِي كُلِّ مُكَلَّفٍ بِتَعْرِيفِ غَيْرِهِ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ مَعْرِفَةِ نَفْسِهِ وَلَا يُعْلَمُ عَجْزُهُ مَا لَمْ يَعْرِفْهُ بِعَيْنِهِ.
وَبِمِثْلِ هَذِهِ الْعِلَّةِ لَمْ يُقْبَلْ تَعْدِيلُ شَاهِدِ الْفَرْعِ مُطْلَقًا مَا لَمْ يَعْرِفْ الْأَصْلَ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ، فَلَعَلَّ الْحَاكِمَ يَعْرِفُهُ بِفِسْقٍ وَعَدَاوَةٍ، وَغَيْرُهُ احْتَجُّوا بِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَلَى قَبُولِ مُرْسَلِ الْعَدْلِ، فَابْنُ عَبَّاسٍ مَعَ كَثْرَةِ رِوَايَتِهِ قِيلَ: إنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ لِصِغَرِ سِنِّهِ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ فِي حَدِيثِ الرِّبَا فِي النَّسِيئَةِ وَقَالَ: " حَدَّثَنِي بِهِ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ " وَرَوَى «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ» ، فَلَمَّا رُوجِعَ قَالَ: " حَدَّثَنِي بِهِ أَخِي الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ ".
وَرَوَى ابْنُ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ» ثُمَّ أَسْنَدَهُ إلَى أَبِي هُرَيْرَةَ. وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ: أَنَّ «مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا فِي رَمَضَانَ فَلَا صَوْمَ لَهُ» وَقَالَ: مَا أَنَا قُلْتُهَا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ. وَلَكِنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَهَا، فَلَمَّا رُوجِعَ قَالَ: " حَدَّثَنِي بِهِ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، وَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ: مَا كُلُّ مَا نُحَدِّثُكُمْ بِهِ سَمِعْنَاهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لَكِنْ سَمِعْنَا بَعْضَهُ وَحَدَّثَنَا أَصْحَابُهُ بِبَعْضِهِ.
أَمَّا التَّابِعُونَ فَقَدْ قَالَ النَّخَعِيُّ: إذَا قُلْت حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فَهُوَ حَدَّثَنِي، وَإِذَا قُلْتُ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ. وَكَذَلِكَ نُقِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ قَبُولُ الْمُرْسَلِ. وَالْجَوَابُ مَنْ وَجْهَيْنِ، الْأَوَّلُ: أَنَّ هَذَا صَحِيحٌ وَيَدُلُّ عَلَى قَبُولِ بَعْضِهِمْ الْمَرَاسِيلَ، وَالْمَسْأَلَةُ فِي مَحِلِّ الِاجْتِهَادِ وَلَا يَثْبُتُ فِيهَا إجْمَاعٌ أَصْلًا.
وَفِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجُمْلَةَ لَمْ يَقْبَلُوا الْمَرَاسِيلَ وَلِذَلِكَ بَاحَثُوا ابْنَ عَبَّاسٍ وَابْنَ عُمَرَ وَأَبَا هُرَيْرَةَ مَعَ جَلَالَةِ قَدْرِهِمْ لَا لِشَكٍّ فِي عَدَالَتِهِمْ وَلَكِنْ لِلْكَشْفِ عَنْ الرَّاوِي. فَإِنْ قِيلَ: قَبِلَ بَعْضُهُمْ وَسَكَتَ الْآخَرُونَ فَكَانَ إجْمَاعًا. قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ ثُبُوتَ الْإِجْمَاعِ بِسُكُوتِهِمْ لَا سِيَّمَا فِي مَحِلِّ الِاجْتِهَادِ، بَلْ لَعَلَّهُ سَكَتَ مُضْمِرًا لِلْإِنْكَارِ أَوْ مُتَرَدِّدًا فِيهِ.
وَالْجَوَابُ الثَّانِي: أَنَّ مِنْ الْمُنْكِرِينَ لِلْمُرْسَلِ مَنْ قَبِلَ مُرْسَلَ الصَّحَابِيِّ لِأَنَّهُمْ يُحَدِّثُونَ عَنْ الصَّحَابَةِ وَكُلُّهُمْ عُدُولٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَضَافَ إلَيْهِ مَرَاسِيلَ التَّابِعِينَ لِأَنَّهُمْ يَرْوُونَ عَنْ الصَّحَابَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّصَ كِبَارَ التَّابِعِينَ بِقَبُولِ مُرْسَلِهِ.
وَالْمُخْتَارُ عَلَى قِيَاسِ رَدِّ الْمُرْسَلِ أَنَّ التَّابِعِيَّ وَالصَّحَابِيَّ إذَا عُرِفَ بِصَرِيحِ خَبَرِهِ أَوْ بِعَادَتِهِ أَنَّهُ لَا يَرْوِي إلَّا عَنْ صَحَابِيٍّ قُبِلَ مُرْسَلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ فَلَا يُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ يَرْوُونَ عَنْ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ مِنْ الْأَعْرَابِ الَّذِينَ لَا صُحْبَةَ لَهُمْ، وَإِنَّمَا ثَبَتَتْ لَنَا عَدَالَةُ أَهْلِ الصُّحْبَةِ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ بَعْدَ الْإِرْسَالِ: حَدَّثَنِي بِهِ رَجُلٌ عَلَى بَابِ عَبْدِ الْمَلِكِ. وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ فِيمَا أَرْسَلَهُ عَنْ بُسْرَةَ: حَدَّثَنِي بِهِ بَعْضُ الْحَرَسِ.

[مَسْأَلَةٌ خَبَرُ الْوَاحِدِ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى]
مَقْبُولٌ خِلَافًا لِلْكَرْخِيِّ وَبَعْضِ أَصْحَابِ الرَّأْيِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا نَقَلَهُ الْعَدْلُ وَصِدْقُهُ فِيهِ مُمْكِنٌ وَجَبَ تَصْدِيقُهُ، فَمَسُّ الذَّكَرِ مَثَلًا نَقَلَهُ الْعَدْلُ وَصِدْقُهُ فِيهِ مُمْكِنٌ فَإِنَّا لَا نَقْطَعُ بِكَذِبِ نَاقِلِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ انْفَرَدَ وَاحِدٌ بِنَقْلِ مَا تُحِيلُ الْعَادَةُ فِيهِ أَنْ لَا يَسْتَفِيضَ كَقَتْلِ أَمِيرٍ فِي السُّوقِ وَعَزْلِ وَزِيرٍ وَهُجُومٍ فِي الْجَامِعِ مَنَعَ النَّاسَ مِنْ الْجُمُعَةِ أَوْ كَخَسْفٍ أَوْ زَلْزَلَةٍ أَوْ انْقِضَاضِ كَوْكَبٍ عَظِيمٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعَجَائِبِ، فَإِنَّ الدَّوَاعِيَ تَتَوَفَّرُ عَلَى إشَاعَةِ جَمِيعِ ذَلِكَ وَيَسْتَحِيلُ انْكِتَامُهُ، وَكَذَلِكَ الْقُرْآنُ لَا يُقْبَلُ فِيهِ خَبَرُ الْوَاحِدِ لِعِلْمِنَا بِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 135
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست