responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 113
أَوْ مَنْ صَدَّقَهُ هَؤُلَاءِ أَوْ دَلَّ الْعَقْلُ عَلَيْهِ وَالسَّمْعُ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ كَذِبًا لَكَانَ الْمُوَافِقُ لَهُ كَذِبًا.
السَّادِسُ كُلُّ خَبَرٍ صَحَّ أَنَّهُ ذَكَرَهُ الْمُخْبِرُ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبِمَسْمَعٍ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ غَافِلًا عَنْهُ فَسَكَتَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذِبًا لَمَا سَكَتَ عَنْهُ وَلَا عَنْ تَكْذِيبِهِ، وَنَعْنِي بِهِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ.
السَّابِعُ: كُلُّ خَبَرٍ ذُكِرَ بَيْنَ يَدَيْ جَمَاعَةٍ أَمْسَكُوا عَنْ تَكْذِيبِهِ وَالْعَادَةُ تَقْضِي فِي مِثْلِ ذَلِكَ بِالتَّكْذِيبِ وَامْتِنَاعِ السُّكُوتِ لَوْ كَانَ كَذِبًا، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ لِلْخَبَرِ وَقْعٌ فِي نُفُوسِهِمْ وَهُمْ عَدَدٌ يَمْتَنِعُ فِي مُسْتَقَرِّ الْعَادَةِ التَّوَاطُؤُ عَلَيْهِمْ بِحَيْثُ يَنْكَتِمُ التَّوَاطُؤُ وَلَا يَتَحَدَّثُونَ بِهِ. وَبِمِثْلِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ ثَبَتَتْ أَكْثَرُ أَعْلَامِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إذْ كَانَ يَنْقُلُ بِمَشْهَدِ جَمَاعَاتٍ وَكَانُوا يَسْكُتُونَ عَنْ التَّكْذِيبِ مَعَ اسْتِحَالَةِ السُّكُوتِ عَنْ التَّكْذِيبِ عَلَى مِثْلِهِمْ، فَمَهْمَا كَمَلَ الشَّرْطُ وَتُرِكَ النَّكِيرُ كَمَا سَبَقَ نَزَلَ مَنْزِلَةَ قَوْلِهِمْ " صَدَقْتَ ".
فَإِنْ قِيلَ لَوْ ادَّعَى وَاحِدٌ أَمْرًا بِمَشْهَدِ جَمَاعَةٍ وَادَّعَى عِلْمَهُمْ بِهِ فَسَكَتُوا عَنْ تَكْذِيبِهِ فَهَلْ يَثْبُتُ صِدْقُهُ؟ قُلْنَا: إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي مَحَلِّ النَّظَرِ وَالِاجْتِهَادِ فَلَا يَثْبُتُ صِدْقُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُمْ اعْتَقَدُوا عَنْ النَّظَرِ مَا ادَّعَاهُ، وَإِنْ كَانَ يُسْنِدُهُ إلَى مُشَاهَدَةٍ وَكَانُوا عَدَدًا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِمْ الدُّخُولُ تَحْتَ دَاعٍ وَاحِدٍ فَالسُّكُوتُ عَنْ تَكْذِيبِهِ تَصْدِيقٌ مِنْ جِهَتِهِمْ. فَإِنْ قِيلَ: وَهَلْ يَدُلُّ عَلَى الصِّدْقِ تَوَاتُرُ الْخَبَرِ عَنْ جَمَاعَةٍ لَا يَجُوزُ عَلَى مِثْلِهِمْ التَّوَاطُؤُ عَلَى الْكَذِبِ قَصْدًا وَلَا التَّوَافُقُ عَلَى اتِّفَاقٍ؟ قُلْنَا: أَحَالَ الْقَاضِي - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذَلِكَ وَقَالَ: قَوْلُهُمْ يُورِثُ الْعِلْمَ ضَرُورَةً إنْ بَلَغُوا عَدَدَ التَّوَاتُرِ فِي عِلْمِ اللَّهِ، فَإِنْ لَمْ يُورِثْ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ دَلَّ عَلَى نُقْصَانِ الْعَدَدِ، وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِدْلَال عَلَى صِدْقِهِمْ بِالنَّظَرِ فِي أَحْوَالِهِمْ بَلْ نَعْلَمُ قَطْعًا كَذِبَهُمْ أَوْ اشْتِمَالَهُمْ عَلَى كَاذِبٍ أَوْ مُتَوَهِّمٍ.
وَهَذَا عَلَى مَذْهَبِهِ إنْ لَمْ يُنْظَرْ إلَى الْقَرَائِنِ لَازِمٌ، أَمَّا مَنْ نَظَرَ إلَى الْقَرَائِنِ فَلَا يَبْعُدُ أَنْ يَعْلَمَ صِدْقَهُمْ بِنَوْعٍ مِنْ النَّظَرِ. فَإِنْ قِيلَ: خَبَرُ الْوَاحِدِ الَّذِي عَمِلَ بِهِ الْأُمَّةُ هَلْ يَجِبُ تَصْدِيقُهُ؟ قُلْنَا: إنْ عَمِلُوا عَلَى وَفْقِهِ فَلَعَلَّهُمْ عَمِلُوا عَنْ دَلِيلٍ آخَرَ وَإِنْ عَمِلُوا بِهِ أَيْضًا فَقَدْ أُمِرُوا بِالْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوا صِدْقَهُ، فَلَا يَلْزَمُ الْحُكْمُ بِصِدْقِهِ. فَإِنْ قِيلَ لَوْ قُدِّرَ الرَّاوِي كَاذِبًا لَكَانَ عَمَلُ الْأُمَّةِ بِالْبَاطِلِ، وَهُوَ خَطَأٌ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى الْأُمَّةِ.
قُلْنَا: الْأُمَّةُ مَا تُعُبِّدُوا إلَّا بِالْعَمَلِ بِخَبَرٍ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُمْ فِيهِ، وَقَدْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِمْ، كَالْقَاضِي إذَا قَضَى بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ فَلَا يَكُونُ مُخْطِئًا وَإِنْ كَانَ الشَّاهِدُ كَاذِبًا بَلْ يَكُونُ مُحِقًّا لِأَنَّهُ لَمْ يُؤْمَرْ إلَّا بِهِ.

[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ الْأَخْبَارِ مَا يُعْلَمُ كَذِبُهُ]
ُ مِنْ الْأَخْبَارِ مَا يُعْلَمُ كَذِبُهُ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ:
الْأَوَّلُ: مَا يُعْلَمُ خِلَافُهُ بِضَرُورَةِ الْعَقْلِ أَوْ نَظَرِهِ أَوْ الْحِسِّ وَالْمُشَاهَدَةِ أَوْ أَخْبَارِ التَّوَاتُرِ، وَبِالْجُمْلَةِ مَا خَالَفَ الْمَعْلُومَ بِالْمَدَارِكِ السِّتَّةِ الْمَذْكُورَةِ، كَمَنْ أَخْبَرَ عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ وَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى فِي الْحَالِ وَأَنَّا عَلَى جَنَاحِ نَسْرٍ أَوْ فِي لُجَّةِ بَحْرٍ وَمَا يُحَسُّ خِلَافُهُ.
الثَّانِي: مَا يُخَالِفُ النَّصَّ الْقَاطِعَ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرَةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، فَإِنَّهُ وَرَدَ مُكَذِّبًا لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِلْأُمَّةِ.
الثَّالِثُ: مَا صَرَّحَ بِتَكْذِيبِهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ يَسْتَحِيلُ فِي الْعَادَةِ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، إذَا

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 113
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست