responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 10
[مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ]
[بَيَانُ حَصْرِ مَدَارِكِ الْعُلُومِ النَّظَرِيَّةِ فِي الْحَدِّ وَالْبُرْهَانِ]
مُقَدِّمَةُ الْكِتَابِ بَيَانُ حَصْرِ مَدَارِكِ الْعُلُومِ النَّظَرِيَّةِ فِي الْحَدِّ وَالْبُرْهَانِ نَذْكُرُ فِي هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ مَدَارِكَ الْعُقُولِ وَانْحِصَارَهَا فِي الْحَدِّ وَالْبُرْهَانِ، وَنَذْكُرُ شَرْطَ الْحَدِّ الْحَقِيقِيِّ وَشَرْطَ الْبُرْهَانِ الْحَقِيقِيِّ وَأَقْسَامَهُمَا عَلَى مِنْهَاجٍ أَوْجَزَ مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ مَحَكِّ النَّظَرِ " وَكِتَابِ مِعْيَارِ الْعِلْمِ ". وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةُ مِنْ جُمْلَةِ عِلْمِ الْأُصُولِ وَلَا مِنْ مُقَدِّمَاتِهِ الْخَاصَّةِ بِهِ، بَلْ هِيَ مُقَدِّمَةُ الْعُلُومِ كُلِّهَا، وَمَنْ لَا يُحِيطُ بِهَا فَلَا ثِقَةَ لَهُ بِعُلُومِهِ أَصْلًا، فَمَنْ شَاءَ أَنْ لَا يَكْتُبَ هَذِهِ الْمُقَدِّمَةَ فَلْيَبْدَأْ بِالْكِتَابِ مِنْ الْقُطْبِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ ذَلِكَ هُوَ أَوَّلُ أُصُولِ الْفِقْهِ وَحَاجَةُ جَمِيعِ الْعُلُومِ النَّظَرِيَّةِ إلَى هَذِهِ الْمُقَدِّمَةِ لِحَاجَةِ أُصُولِ الْفِقْهِ.
بَيَانُ حَصْرِ مَدَارِكِ الْعُلُومِ النَّظَرِيَّةِ فِي الْحَدِّ وَالْبُرْهَانِ اعْلَمْ أَنَّ إدْرَاكَ الْأُمُورِ عَلَى ضَرْبَيْنِ: إدْرَاكُ الذَّوَاتِ الْمُفْرَدَةِ كَعِلْمِكَ بِمَعْنَى الْجِسْمِ وَالْحَرَكَةِ وَالْعَالَمِ وَالْحَدِيثِ وَالْقَدِيمِ وَسَائِرِ مَا يُدَلُّ عَلَيْهِ بِالْأَسَامِي الْمُفْرَدَةِ، الثَّانِي: إدْرَاكُ نِسْبَةِ هَذِهِ الْمُفْرَدَاتِ بَعْضِهَا إلَى بَعْضٍ بِالنَّفْيِ أَوْ الْإِثْبَاتِ، وَهُوَ أَنْ تَعْلَمَ أَوَّلًا مَعْنَى لَفْظِ الْعَالَمِ وَهُوَ أَمْرٌ مُفْرَدٌ وَمَعْنَى لَفْظِ الْحَادِثِ وَمَعْنَى لَفْظِ الْقَدِيمِ وَهُمَا أَيْضًا أَمْرَانِ مُفْرَدَانِ، ثُمَّ تَنْسُبُ مُفْرَدًا إلَى مُفْرَدٍ بِالنَّفْيِ أَوْ الْإِثْبَاتِ كَمَا تَنْسُبُ الْقِدَمَ إلَى الْعَالَمِ بِالنَّفْيِ فَتَقُولُ: لَيْسَ الْعَالَمُ قَدِيمًا، وَتَنْسُبُ الْحُدُوثَ إلَيْهِ بِالْإِثْبَاتِ فَتَقُولُ: الْعَالَمُ حَادِثٌ، وَالضَّرْبُ الْأَخِيرُ هُوَ الَّذِي يَتَطَرَّقُ إلَيْهِ التَّصْدِيقُ وَالتَّكْذِيبُ.
وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَيَسْتَحِيلُ فِيهِ التَّصْدِيقُ وَالتَّكْذِيبُ إذْ لَا يَتَطَرَّقُ التَّصْدِيقُ، إلَّا إلَى خَبَرٍ، وَأَقَلُّ مَا يَتَرَكَّبُ مِنْهُ جُزْءَانِ مُفْرَدَانِ وَصْفٌ وَمَوْصُوفٌ، فَإِذَا نُسِبَ الْوَصْفُ إلَى الْمَوْصُوفِ بِنَفْيٍ أَوْ إثْبَاتِ، صُدِّقَ أَوْ كُذِّبَ. فَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ حَادِثٌ أَوْ جِسْمٌ أَوْ قَدِيمٌ فَأَفْرَادٌ لَيْسَ فِيهَا صِدْقٌ وَلَا كَذِبٌ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُصْطَلَحَ عَلَى التَّعْبِيرِ عَنْ هَذَيْنِ الضَّرْبَيْنِ بِعِبَارَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ فَإِنَّ حَقَّ الْأُمُورِ الْمُخْتَلِفَةِ أَنْ تَخْتَلِفَ أَلْفَاظُهَا الدَّالَّةُ عَلَيْهَا، إذْ الْأَلْفَاظُ مِثْلُ الْمَعَانِي فَحَقُّهَا أَنْ تُحَاذَى بِهَا الْمَعَانِي.
وَقَدْ سَمَّى الْمَنْطِقِيُّونَ مَعْرِفَةَ الْمُفْرَدَاتِ تَصَوُّرًا وَمَعْرِفَةَ النِّسْبَةِ الْخَبَرِيَّةِ بَيْنَهُمَا تَصْدِيقًا فَقَالُوا: الْعِلْمُ إمَّا تَصَوُّرٌ وَإِمَّا تَصْدِيقٌ، وَسَمَّى بَعْضُ عُلَمَائِنَا الْأَوَّلَ مَعْرِفَةً وَالثَّانِيَ عِلْمًا تَأَسِّيًا بِقَوْلِ النُّحَاةِ فِي قَوْلِهِمْ الْمَعْرِفَةُ تَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولٍ وَاحِدٍ، إذْ تَقُولُ: عَرَفْتُ زَيْدًا، وَالظَّنُّ يَتَعَدَّى إلَى مَفْعُولَيْنِ، إذْ تَقُولُ: ظَنَنْتُ زَيْدًا عَالِمًا، وَلَا تَقُولُ: ظَنَنْتُ زَيْدًا، وَلَا: ظَنَنْتُ عَالِمًا، وَالْعِلْمُ مِنْ بَابِ الظَّنِّ، فَتَقُولُ: عَلِمْتُ زَيْدًا عَدْلًا.
وَالْعَادَةُ فِي هَذِهِ الِاصْطِلَاحَاتِ مُخْتَلِفَةٌ. وَإِذَا فَهِمْتَ افْتِرَاقَ الضَّرْبَيْنِ فَلَا مُشَاحَّةَ فِي الْأَلْقَابِ، فَنَقُولُ الْآنَ: إنَّ

اسم الکتاب : المستصفى المؤلف : الغزالي، أبو حامد    الجزء : 1  صفحة : 10
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست