اسم الکتاب : القطعية من الأدلة الأربعة المؤلف : دكوري، محمد الجزء : 1 صفحة : 330
ولكن قد جربنا كثيرا مما اعتقدنا جزما بقول الواحد مع قرائن أحواله ثم انكشف أنه كان تلبيسا"[1].
ومن ذلك أن عبد العلي الأنصاري[2] استَبْعَد تحققَ قرائن القطعية في خبر الواحد مع التسليم بجواز احتفاف قرائن القطع به، فقال في بيان أنواع القرائن التي يمكن أن تحتف بالخبر: " ... وإن كانت القرائن قرائن صدق المخبر فإن كانت دالة عليه قطعا فإذا أخبر مع وجود تلك القرائن حصل القطع بصدق الخبر وتحقق مضمونه قطعا"قال: "لكن الكلام في تحقق مثل هذه القرائن في غير المعصوم وأهل الإجماع، فإنه لم يدل دليل على تحققها في مادة من المواد فلا بد من إثبات تحققها، ودونه خرط القتاد"[3]. [1] المستصفى2/146-147، وللخبر عن الرسول صلى الله عليه وسلم خاصية ليست لخبر الناس عن بعضهم. [2] هو عبد العلي بن نظام الدين بن قطب الدين، الأنصاري السهالوي اللكنوي، لقِّب ببحر العلوم وملك العلماء، فقيه أصولي متكلم، من تصانيفه: فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت، والأركان الأربعة في الفقه، وحواشي على شرح المواقف، وشرح سلم العلوم مع المنهيات، توفي سنة 1225 هـ. انظر نزهة الخواطر وبهجة المسامع والمناظر للشريف عبد الحي الحسني 7/282-287. [3] فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت2/122.
وقوله: "دونه خرط القتاد"من الأمثال العربية يضرب به للأمر الذي دون تحققه مانع.
و (الخَرْط) قشر الورق وحتّه وهو أن تقبض على أعلاه ثم تمر يدك عليه إلى أسفله، وأما (القَتاد) فشجر له شوكة حجناء (أي معقوفة الرأس) وقصيرة. (انظر المحكم لابن سِيده6/182 (في معنى القتاد) ، والصحاح للجوهري3/1122 (في معنى الخرط) ، وانظر المثل في مجمع الأمثال للنيسابوري الميداني1/265.
ووجه المثل: أن القتاد دون خرطه مانع الشوك المعقوف، وكذا ما ادُّعِي هنا من المنع من تحقق القطعية في خبر الواحد، والجواب أن غاية ما في ذلك المطالبة، وقد قطع الحفاظ وأئمة الحديث بما لم يقطع به غيرهم كما تبين في هذا المبحث.
ومن اللطائف في هذا المثل أن شيخ الإسلام ابن تيمية ذكر هذا المثل نفسه في معرض الرد على دعوى عدم قطعية الدليل السمعي مطلقا فقال: "لكن كون السمعي لا يكون قطعيا دونه خرط القتاد" (درء تعارض العقل والنقل1/80) ، فوقع المثل في كلام الذي يستبعد وقوع القطعية مطلقا في خبر الواحد والذي يستبعد نفي القطعية مطلقا عن الأدلة السمعية.
اسم الکتاب : القطعية من الأدلة الأربعة المؤلف : دكوري، محمد الجزء : 1 صفحة : 330