responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي    الجزء : 1  صفحة : 434
البخاري كثيرًا, وعقد لها كتابًا في الجامع الصحيح وعناه بقوله: وقال بعض الناس: قالوا إن أحكام الله شرعت لجلب مصالح إلينا أو دفع مضار, ومن أمحل المحال أن يشرع من الحيل ما يسقط شيئًا أوجبه, ويحل شيئًا حرَّمه, ولعن فاعله, آذنه بالحرب كالربا, ويسوغ التوصل إليه بأدنى حلية. ولو أن المريض تحيَّل فأكل ما نهى عنه الطبيب لكان ساعيًا في ضرر بدنه, وعُدَّ سفيها مفرطًا.
ومن أكثر الناس ردًّا للحيل الحنابلة، ثم المالكية، لأنهم يقولون بسد الذرائع، وهو أصل مناقض للحيل تمام المناقضة، والحق أنه لا حقَّ لهم في الإنكار لأصلها، فإنَّ لها أصلًا في الشريعة جملة التوسعة التي فتحها الله على عباده.
قال تعالى لنبيه أيوب -عليه السلام: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ} [1] إذ حلف أن يضرب زوجه مائة سوط, فأمره أن يجمع مائة من شماريخ ويجعلها ضغثًا, ويضربها مرة واحدة, فكأنه ضربها مائة سوط، فذلك تحلة أيمانه, قال تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [2]، وقال تعالى: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [3]، وقال -عليه السلام: "حتى تذوق عسيلتها وتذوق عسيلتك" [4]، ولعن من أفرط في التحيل فقال: "لعن الله المحلِّلَ والمحلَّل له" [5]، وفي الصحيحين قال -عليه السلام- لبلال: "بع الجمع بالدراهم, ثم ابتع بالدراهم جنيبًا" [6], والجمع نوع من تمر خيبر رديء, والجنيب نوع جيد, ولم

[1] ص: 44.
[2] الطلاق: 2.
[3] البقر ة: 230.
[4] البخاري واللفظ له "7/ 55"، وانظر سنن أبي داود "2/ 294"، والنسائي "6/ 119"، وابن ماجه "1/ 621".
[5] رواه علي بن أبي طالب وابن عباس، وانظر: سنن أبي داود "2/ 227"، والترمذي "3/ 218"، والنسائي "6/ 121"، وابن ماجه "2/ 622".
[6] الذي في الصحيحين البخاري "3/ 102"، ومسلم "5/ 47"، حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخدري أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استعمل رجلًا على خيبر, فجاءه بتمر جنيب, فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أكل تمر خيبر هكذا"؟ قال: لا والله يا رسوله الله -صلى اله عليه وسلم- إنا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: " لا تفعل, بع الجميع بالدراهم, ثم ابتع بالدراهم جنيبًا" , وفي رواية عند مسلم أنه -صلى الله عليه وسلم- بعث أخا بني عدي الأنصاري فاستعمله على خيبر.... وذكر الحديث، وأما حديث بلال فأخرجه مسلم عن أبي سعيد "5/ 48"، ولكن بغير هذا السياق، قال رواية الحديث: سمعت أبا سعيد يقول: جاء بلال بتمر برني, فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "من أين هذا"؟ فقال بلال: تمر كان عندنا رديء, فبعت منه صاعين بصاع لمطعم النبي -صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أوه عين الربا, لا تفعل, ولكن إذا أردت أن تشتري التمر فبعه ببيع آخر, ثم اشتر به".
اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي    الجزء : 1  صفحة : 434
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست