responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي    الجزء : 1  صفحة : 245
صور من الخلاف الواقع في هذا العصر
...
فرق، ومن مثل هذا نشأ مذهبا الظاهرية، وأصحاب الرأي.
ومنها: ما رواه أصحاب الأصول من نزوله -عليه السلام- بالأبطح عند النّفر من الحج، فذهب أبو هريرة وابن عمر إلى أنه من النسك, فجعلاه من سنن الحج، وذهب ابن عباس وعائشة إلى أن كان اتفاقيًّا وليس من السنن, وهكذا الرمل في الطواف، كان ابن عباس يراه اتفاقيًّا لقول المشركين: حطمتهم حمى يثرب.
وليس من النسك, فذهب حكمه لزوال سببه, وذهب غيره إلى السنية.
ومنها: اختلاف الوهم:
مثاله: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حج، فاختلفوا هل أفرد أو قرن أو تمتع، وفي هذا اختلاف عظيم بين الرواة الأثبات, ومعظم ذلك في الصحاح، حتى طعن بعض الملاحدة في السنة، لكن الذي مال لترجيحه الحافظ[1]، وابن القيم ما رواه بضعة عشر صحابيًّا, وهو أنه -عليه السلام- كان قارنًا، ورجَّح مالك أنه كان مفردًا حيث روته عائشة، ورحَّج ابن حنبل أنه متمتع، والمسألة فيها اختلاف عظيم كتب فيها الطحاوي[2] ألف ورقة.
ثم اختلفوا: هل أهلّ من مسجد ذي الحُلَيْفَة أو حين استقلت به راحلته، أو على شرف البيداء، فقال ابن عباس: أهلَّ في تلك المواضع كلها، وكان الناس يتلاحقون, فمن سمعه أهلَّ في موضع ظنَّ أنه ابتدأ منه، وايم الله لقد أوجب في مصلاه بذي الحليفة, وإني لأعلم الناس بذلك. رواه أبو داود[3].
ومنها: اختلافهم في علة الحكم، مثاله:
القيام للجنازة هل لتعظيم الملائكة فيخص بالمسلم, أو لهول الموت فيقام للمؤمن والكافر, أو لكونهم مروا بجنازة يهودي فقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كراهية أن تعلو فوق رأسه فيكون القيام لها خاصًّا بالكافر.

[1] ابن حجر في الفتح.
[2] أحمد بن محمد بن سلامة أبو جعفر. الجواهر المضية "[1]/ 102".
[3] أبو داود في المناسك "[2]/ 150".
ترجمة عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي:
أحد العشرة، وأحد ستة الشورى، الأمين على أزواج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعده في حجِّهن، ولَّاه عمر ذلك، وهذه منقبة عظيمة أيضًا، هاجر الهجرتين, وشهد بدرًا فما بعدها، ولاه النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد دومة الجندل، قال فيه عمر: نعم الرأي عبد الرحمن, مسدد رشيد, له من الله حافظ.
وهو أحد المثرين المشهورين في الإسلام، خزّان الله ورسوله، أعان المسلمين إعانات مالية شهيرة، وله صدقات وأعمال برٍّ كبرى، وترك مالًا عظيمًا، كان محظوظًا في التجارة والعقل والعلم وسابقية الإسلام، ومناقبه جمَّة لا تفي بها هذه النتفة، وكان صاحب شورى عمر المرجوع إليهم في الآراء، والفقه، عمل برأيه كغيره في زيادة حد الخمر، وخالفه في تحبيس أرض الفرس، ورجع إلى روايته في حديث الطاعون، وأخذ الجزية من المجوس إلى غير ذلك، توفي سنة "32" اثنين وثلاثين[1].

[1] عبد الرحمن بن عوف الزهري القرشي: ترجمته في الإصابة "4/ 346"، والاستيعاب "[2]/ 844"، وأسد الغاية "[3]/ 311".
ترجمة عبد الله بن مسعود الهذلي:
أحد السابقين الأولين للإسلام، سادس من أسلم، لذلك يعد سدس المسلمين، ضمَّه إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- فكان يلبسه نعليه، ويمشي معه وأمامه، ويستره إذا اغتسل، ويوقظه إذا نام، وقال عليه السلام: "إذنك علي أن ترفع الحجاب, وأن تسمع [1] سوادي حتى أنهاك" [2]، وهو صاحب الوسادة والنعلين والسواك.
شهد المشاهد كلها معه -عليه السلام، وهاجر الهجرتين، وصلى القبلتين, وشهد له -عليه السلام- بالجنة، وشهد له بالعلم، وقال فيه -عليه السلام: "عليكم بعهد ابن أم عبد" [3]، وقال عليه السلام: "لو كنت مستخلفًا أحدًا من غير مشورة

[1] قال المؤلف -رحمه الله: سوادي: بكسر السين أسراري. الأبيّ علي مسلم".
[2] ابن ماجه عن عبد الله "1/ 49".
[3] سبق تخريجه.
اسم الکتاب : الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي المؤلف : الحجوي    الجزء : 1  صفحة : 245
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست