responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصول في الأصول المؤلف : الجصاص    الجزء : 2  صفحة : 101
الْحَقِيقَةِ، «وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِلرَّجُلِ الَّذِي أَخْبَرَتْهُ امْرَأَةٌ سَوْدَاءُ أَنَّهَا أَرْضَعَتْهُ وَزَوْجَتَهُ دَعْهَا عَنْك فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهَا سَوْدَاءُ يَعْنِي الْمُخْبِرَةَ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ دَعْهَا عَنْك» فَأَمَرَ بِالِاحْتِيَاطِ وَالْأَخْذِ بِالْحَزْمِ وَالثِّقَةِ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِصِحَّةِ خَبَرِهَا.
وَاعْتِبَارُ الِاحْتِيَاطِ وَالْأَخْذِ بِالثِّقَةِ أَصْلٌ كَبِيرٌ مِنْ أُصُولِ الْفِقْهِ (قَدْ) اسْتَعْمَلَهُ الْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ وَهُوَ فِي الْعَقْلِ كَذَلِكَ أَيْضًا، لِأَنَّ مَنْ قِيلَ لَهُ إنَّ فِي طَرِيقِك سَبُعًا أَوْ لُصُوصًا كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ الْأَخْذَ بِالْحَزْمِ وَتَرْكَ الْإِقْدَامِ عَلَى سُلُوكِهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَمْرُهَا.
وَأَيْضًا: قَدْ صَحَّ عِنْدَنَا أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الشَّيْءِ أَمْرٌ بِضِدِّهِ مِنْ جِهَةِ الدَّلَالَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا ضِدٌّ وَاحِدٌ فَمِنْ حَيْثُ كَانَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ لَفْظُ النَّهْيِ مِنْ فِعْلِ ضِدِّهِ عَلَى الْوُجُوبِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ الْمَوْضُوعُ لِلْأَمْرِ أَدَلَّ عَلَى الْإِيجَابِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ (بِهِ) مِنْهُ بِدَلَالَةِ لَفْظِ النَّهْيِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فِي الْقَوْلِ بِإِيجَابِ الْأَمْرِ الْمُطْلَقِ إثْبَاتُ الْوَعِيدِ عَلَى تَارِكِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي اللَّفْظِ فَغَيْرُ جَائِزٍ إثْبَاتُهُ إلَّا بِدَلَالَةٍ مِنْ غَيْرِهِ إذْ كَانَ (لَفْظُ) الْأَمْرِ لَا يُنْبِئُ عَنْهُ. قِيلَ لَهُ: لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ تُعْطَى أَنَّ لَفْظَ الْأَمْرِ إذَا أُرِيدَ بِهِ الْإِيجَابُ كَانَ مُسْتَعْمَلًا فِي مَوْضِعِهِ حَقِيقَةً أَوْ يَمْتَنِعُ ذَلِكَ، فَإِنْ أَعْطَيْت أَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْإِيجَابِ حَقِيقَةً سَقَطَ سُؤَالُك لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْوَاجِبِ مَا يُسْتَحَقُّ الذَّمُّ بِتَرْكِهِ فَلَا مَعْنَى حِينَئِذٍ لِقَوْلِك إنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ إثْبَاتُ الْوَعِيدِ عَلَى تَارِكِهِ إلَّا بِلَفْظٍ (يُنْبِئُ عَنْهُ) . وَإِنْ كُنْت مِمَّنْ يَأْبَى أَنْ يَكُونَ لَفْظُ الْأَمْرِ إذَا أُرِيدَ بِهِ الْإِيجَابُ كَانَ مُسْتَعْمَلًا فِيهِ عَلَى جِهَةِ الْحَقِيقَةِ كَانَ اتِّفَاقُ أَهْلِ اللُّغَةِ وَغَيْرِهِمْ قَاضِيًا بِفَسَادِ قَوْلِك، وَلَزِمَك أَنْ (لَا) تُثْبِتَ لِلْأَمْرِ صِيغَةً فِي اللُّغَةِ وَهَذَا (قَوْلٌ) ظَاهِرُ الْفَسَادِ

اسم الکتاب : الفصول في الأصول المؤلف : الجصاص    الجزء : 2  صفحة : 101
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست