responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفصول في الأصول المؤلف : الجصاص    الجزء : 2  صفحة : 100
وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْآيَاتِ لَمْ تُوجِبْ لَهُمْ عِلْمَ الضَّرُورَةِ بِمُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا لِأَنَّ مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى لَا يُعْلَمُ ضَرُورَةً، فَثَبَتَ بِذَلِكَ سُقُوطُ اعْتِرَاضِ مَنْ اعْتَرَضَ بِمَا ذُكِرَ فِي الْفَصْلِ بَيْنَ أَوَامِرِ اللَّهِ تَعَالَى وَبَيْنَ أَوَامِرِ الْآدَمِيِّ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِأَنَّ قَوْلَهُ " افْعَلْ " لَوْ صَلَحَ لِلْإِيجَابِ وَالنَّدْبِ، لَكَانَ الْمَصِيرُ إلَى جِهَةِ الْإِيجَابِ أَوْلَى لِمَا فِيهِ الِاحْتِيَاطُ وَالْأَخْذُ بِالثِّقَةِ.
وَهَذَا وَإِنْ كَانَ اسْتِدْلَالًا مِنْ غَيْرِ جِهَةِ اللَّفْظِ فَإِنَّهُ احْتِجَاجٌ صَحِيحٌ فِي وُجُوبِ الْأَمْرِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْحَلَالُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَ ذَلِكَ أُمُورٌ مُتَشَابِهَاتٌ فَدَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» وَقَالَ: «إنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ تَعَالَى مَحَارِمُهُ وَمَنْ رَتَعَ حِوَلَ الْحُمَّى يُوشَكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ» فَأَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالِاحْتِيَاطِ وَالْأَخْذِ بِالثِّقَةِ فِيمَا يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: اعْتِبَارُ الِاحْتِيَاطِ فِي إيجَابِ الْأَمْرِ هُوَ تَرْكُ الِاحْتِيَاطِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى الْإِيجَابَ وَاعْتَقَدْنَا فِيهِ الْوُجُوبَ فَقَدْ أَقْدَمْنَا عَلَى مَا لَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ مِنْ اعْتِقَادِنَا الشَّيْءَ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ. قِيلَ لَهُ: لَيْسَ هَذَا كَمَا ظَنَنْت لِأَنَّا لَمْ نُكَلَّفْ فِي هَذِهِ الْحَالِ غَيْرَ الِاحْتِيَاطِ وَالْأَخْذِ بِالْحَزْمِ، فَقَدْ تَيَقَّنَّا مَتَى فَعَلْنَا ذَلِكَ أَنَّا غَيْرُ مُعْتَقِدِينَ لِلشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَعْتَبِرْ ذَلِكَ حِينَ قَالَ «فَدَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» وَعِلَّتُك قَائِمَةٌ فِيهِ (لِأَنَّك لَا تَأْمَنُ) أَنْ تَدَعَهُ عَلَى أَنَّ عَلَيْهِ تَرْكَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ تَرْكُهُ فِي

اسم الکتاب : الفصول في الأصول المؤلف : الجصاص    الجزء : 2  صفحة : 100
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست