responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 248
الْمَلَائِكَةُ قَالَ فَضَجَّ أَهْلُ مَكَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} [الأنبياء: 101] الْآيَةَ وَقَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ: حَدِيثٌ حَسَنٌ انْتَهَى. فَإِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مُنْكَرَةٌ فَإِنَّ كُلًّا مِنْ الْعَقْلِ وَالشَّرْعِ قَاضٍ بِأَنَّ اللَّهَ لَا يُعَذِّبُ أَحَدًا بِجَرِيمَةٍ صَادِرَةٍ مِنْ غَيْرِهِ لَمْ يَدْعُ إلَيْهَا وَلَا رَضِيَ بِهَا فَكَيْفَ يُصَرِّحُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَا يُنَافِيهِ وَمِثْلُ هَذَا مِمَّا يُعَدُّ مِنْ الِانْقِطَاعِ الْبَاطِنِ الْمُوجِبِ لِلرَّدِّ فَالْوَجْهُ هُوَ الْجَوَابُ الْأَوَّلُ.
(قَالُوا فِيهِ) أَيْ فِي نَسْخِ الْخَاصِّ الْمُتَقَدِّمِ بِالْعَامِّ الْمُتَأَخِّرِ (إبْطَالُ الْقَاطِعِ بِالْمُحْتَمَلِ) ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ فَيَتَعَيَّنُ تَخْصِيصُ الْعَامِّ بِهِ (قُلْنَا) هَذَا (مَبْنِيٌّ عَلَى ظَنِّيَّةِ دَلَالَةِ الْعَامِّ، وَهُوَ) أَيْ وَكَوْنُهُ ظَنِّيَّ الدَّلَالَةِ (مَمْنُوعٌ) بَلْ هُوَ قَطْعِيُّ الدَّلَالَةِ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا يَكُونُ فِيهِ إلَّا إبْطَالُ الْقَاطِعِ بِالْقَاطِعِ وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ (وَلَوْ سُلِّمَ) أَنَّ الْعَامَّ ظَنِّيُّ الدَّلَالَةِ (فَلَا مُخَصِّصَ فِي الشَّرْعِ بِخَاصٍّ) مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (بِالِاسْتِقْرَاءِ بَلْ بِعَامٍّ خُصُوصُهُ بِالنِّسْبَةِ) إلَى مَا هُوَ مُخَصَّصٌ بِهِ (كَلَا تَقْتُلُوا النِّسَاءَ) أَيْ كَمَا لَوْ قَالَ الشَّارِعُ هَذَا مَعَ قَوْله تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] أَوْ مَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» فَإِنَّ ذَاكَ عَامٌّ فِي نَفْسِهِ خَاصٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ، وَإِنَّمَا قُلْت كَمَا لَوْ قَالَ الشَّارِعُ هَذَا؛ لِأَنَّهُ بِعَيْنِهِ لَا يَحْضُرُنِي عَنْهُ بَلْ مَعْنَاهُ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ» إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَفِي آثَارِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ النِّسَاءُ إذَا هُنَّ ارْتَدَدْنَ لَا يُقْتَلْنَ وَلَكِنْ يُحْبَسْنَ وَيُدْعَيْنَ إلَى الْإِسْلَامِ وَيُجْبَرْنَ عَلَيْهِ (وَمَا اسْتَدَلُّوا بِهِ مِنْ {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ} [الطلاق: 4] {وَالْمُحْصَنَاتُ} [النساء: 24] فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَامٌّ فِي نَفْسِهِ خَاصٌّ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا هُوَ مُخَصَّصٌ بِهِ عَلَى قَوْلِهِمْ (فَاللَّازِمُ إبْطَالُ ظَنِّيٍّ بِظَنِّيٍّ) وَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ، هَذَا وَاعْلَمْ أَنَّ فِي الْبَدِيعِ وَمِنْهُمْ مَنْ شَرَطَ الِاسْتِقْلَالَ مَعَ الِاتِّصَالِ فِي أَوَّلِ مُخَصِّصٍ، وَالْفَرْقُ أَنَّ غَيْرَ الْمُسْتَقِلِّ إذَا كَانَ مَعْلُومًا فَالْعَامُّ فِيمَا وَرَاءَهُ مُوجِبٌ لِلْعِلْمِ لِعَدَمِ قَبُولِ التَّعْلِيلِ؛ وَلِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ تَكَلُّمٌ بِالْبَاقِي، وَهُوَ مَعْلُومُ الْعُمُومِ بِخِلَافِ الْمُسْتَقِلِّ الْمُتَّصِلِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ تَغَيُّرَ الْعَامِّ مِنْ الْقَطْعِ إلَى الِاحْتِمَالِ لِشَبَهِهِ بِالِاسْتِثْنَاءِ حُكْمًا وَبِالنَّاسِخِ صِيغَةً، فَقَالَ الْمُصَنِّفُ بِنَاءً عَلَى ظَنِّ إفَادَةِ هَذَا: إنَّ الْمُوجِبَ لِظَنِّيَّةِ الْعَامِّ إذَا كَانَ مُخَصِّصًا عِنْدَ الْقَائِلِ بِقَطْعِيَّتِهِ قَبْلَ التَّخْصِيصِ إنَّمَا هُوَ كَوْنُ الْمُخَصِّصِ مُسْتَقِلًّا.

(وَأَمَّا اشْتِرَاطُ الِاسْتِقْلَالِ) فِي الْمُخَصِّصِ (فَلِتَغَيُّرِ دَلَالَتِهِ) أَيْ لِأَجْلِ تَغَيُّرِ دَلَالَةِ الْعَامِّ مِنْ الْقَطْعِ (إلَى الظَّنِّ لَا يَحْتَاجُهُ الْقَائِلُ بِظَنِّيَّتِهِ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ) كَأَبِي مَنْصُورٍ وَمَنْ مَعَهُ لِكَوْنِ دَلَالَتِهِ ظَنِّيَّةً بِدُونِ التَّخْصِيصِ عِنْدَهُ فَإِنَّمَا يَحْتَاجُهُ الْقَائِلُ بِقَطْعِيَّتِهِ قَبْلَ التَّخْصِيصِ لِيَكُونَ تَغَيُّرُهُ مِنْهَا إلَى الظَّنِّيَّةِ بِوَاسِطَتِهِ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ اقْتِرَانَ الْعَامِّ بِغَيْرِ مُسْتَقِلٍّ كَالِاسْتِثْنَاءِ، وَيَدُلُّ الْبَعْضُ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْقَطْعِيَّةِ إلَى الظَّنِّيَّةِ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ فِي كُلٍّ نَظَرٌ بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ إذَا اقْتَرَنَ بِمُخَرَّجٍ مُجْمَلٌ أَبْطَلَ حُجِّيَّتَهُ فَضْلًا عَنْ قَطْعِيَّتِهِ كَلَامًا مُسْتَقِلًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ مَا لَمْ يَلْحَقْهُ بَيَانٌ وَبِمُبَيَّنٍ يَقْبَلُ التَّعْلِيلَ أَخْرَجَهُ مِنْ الْقَطْعِيَّةِ إلَى الظَّنِّيَّةِ مُسْتَقِلًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ وَبِمُبَيَّنٍ لَا يَقْبَلُ التَّعْلِيلَ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ الْقَطْعِيَّةِ إلَى الظَّنِّيَّةِ مُسْتَقِلًّا كَانَ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ. وَمُلَخَّصُهُ أَنَّ الْمُخْرِجَ لَهُ مِنْ الْقَطْعِيَّةِ إلَى الظَّنِّيَّةِ مَا اقْتَرَنَ بِهِ مِنْ مُخَرَّجٍ لِبَعْضٍ مِنْهُ مُعَيَّنٍ قَابِلِ التَّعْلِيلِ وَأَمَّا الْمُتَرَاخِي فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ فَغَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَقِلًّا لَمْ يَقْبَلْ التَّعْلِيلَ؛ لِكَوْنِهِ نَسْخًا وَيَلْزَمُهُ أَنْ لَا يُخْرِجَهُ مِنْ الْقَطْعِيَّةِ إنْ كَانَ قَطْعِيًّا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ أَعْنِي الْمُخَرَّجَ إجْمَالٌ وَيَشْهَدُ لَهُ قَوْلُهُ: (وَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ تَغَيُّرِهِ) أَيْ الْعَامِّ (بِالْعَقْلِ) مِنْ الْقَطْعِ (إلَى الظَّنِّ كَخُرُوجِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ مِنْ خِطَابِ الشَّرْعِ إلَّا أَنْ يَخْرُجَ)

اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 248
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست