responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 247
{فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لأَهْلِهِ امْكُثُوا} [القصص: 29] (وَبَيَّنَ تَعَالَى بِقَوْلِهِ {لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} [هود: 46] إرَادَتَهُ أَحَدَ الْمَفْهُومَيْنِ، وَهُوَ الْمُتَّبِعُونَ أَوْ هُوَ) أَيْ الْبَيَانُ الْمُتَأَخِّرُ (لِاسْتِثْنَاءٍ مَجْهُولٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَامِّ الَّذِي هُوَ أَهْلُك، وَهُوَ (إلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ) الْقَوْلُ مِنْهُمْ فَهُوَ بَيَانٌ مُجْمَلٌ أَيْضًا، وَعَلَى اصْطِلَاحِ أَكْثَرِ الشَّافِعِيَّةِ وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ بَيَانِ بَعْضِ الْمُرَادِ بِالتَّخْصِيصِ الْإِجْمَالِيِّ لِلْعُمُومِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ يُرَادُ بِالْأَهْلِ الْأَهْلُ إيمَانًا وَقَدْ يُرَادُ بِهِ الْأَهْلُ قَرَابَةً فَإِنْ أُرِيدَ هُنَا الْأَهْلُ إيمَانًا لَمْ يَتَنَاوَلْ الِابْنَ؛ لِأَنَّهُ كَافِرٌ وَيَكُونُ قَوْلُهُ إلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا. (وَقَوْلُهُ {إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} [هود: 45] لِظَنِّ إيمَانِهِ عِنْدَ مُشَاهَدَةِ الْآيَةِ) أَيْ طُغْيَانِ الْمَاءِ وَغَزَارَةِ فَيْضِهِ مِنْ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَوْ ظَنِّ إيمَانِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِكُفْرِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُنَافِقِينَ عَلَى مَا قِيلَ وَرُبَّمَا يَشْهَدُ لَهُ قَوْله تَعَالَى {إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلا تَسْأَلْنِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [هود: 46] كَمَا هُوَ احْتِمَالٌ فِي الْآيَةِ (أَوْ ظَنِّ إرَادَةِ النَّسَبِ) بِالْأَهْلِ، وَهَذَا تَكْمِيلٌ لِتَقْرِيرِ الْجَوَابِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ أُرِيدَ هُنَا الْأَهْلُ قَرَابَةً تَنَاوَلَ الْأَهْلُ الِابْنَ الْكَافِرَ لَكِنْ اسْتَثْنَى بِقَوْلِهِ {إِلا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ} [هود: 40] وَعَلَى هَذَا فَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ وَقَوْلُهُ {إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} [هود: 45] لِظَنِّ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأَهْلِ الَّذِينَ سَبَقَ عَلَيْهِمْ الْقَوْلُ وَقَوْلُهُ {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} [هود: 46] أَيْ الَّذِينَ لَمْ يَسْبِقْ عَلَيْهِمْ الْقَوْلُ وَالْمُرَادُ بِسَبْقِ الْقَوْلِ مَا سَبَقَ مِنْ قَضَائِهِ بِإِهْلَاكِ الْكُفَّارِ، وَهَذَا تَكْمِيلٌ لِتَقْرِيرِ الْجَوَابِ عَلَى الْوَجْهِ الثَّانِي (وَأَمَّا {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ} [الأنبياء: 98] (فَعُمُومُهُ فِي مَعْبُودِ الْمُخَاطَبِينَ بِهِ) ، وَهُمْ قُرَيْشٌ، وَهُوَ الْأَصْنَامُ كَمَا ذَكَرَهُ السُّهَيْلِيُّ (فَلَمْ يَتَنَاوَلْ عِيسَى وَالْمَلَائِكَةَ) حَتَّى يُقَالَ إنَّهُمْ أُخْرِجُوا مُتَرَاخِيًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101] الْآيَاتِ فَيَكُونُ فِيهِ حُجَّةٌ لِجَوَازِ تَرَاخِي الْمُخَصِّصِ.
(وَاعْتِرَاضُ ابْنِ الزِّبَعْرَى) بِكَسْرِ الزَّايِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الْمُهْمَلَةِ وَعَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ فَتْحُ الزَّايِ وَأَصْلُهُ الْبَعِيرُ الْكَثِيرُ الشَّعْرُ فِي الرَّأْسِ وَالْأُذُنَيْنِ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: السَّيِّئُ الْخُلُقُ. قَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ: وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ كَانَ مِنْ أَعْيَانِ قُرَيْشٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَفُحُولِ الشُّعَرَاءِ وَكَانَ يُهَاجِي الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ أَسْلَمَ عَامَ الْفَتْحِ، وَحَسُنَ إسْلَامُهُ وَلَهُ أَشْعَارٌ يَعْتَذِرُ فِيهَا مِمَّا سَبَقَ مِنْهُ مَذْكُورَةٌ فِي السِّيرَةِ لِابْنِ إِسْحَاقَ (جَدَلٌ مُتَعَنِّتٌ عَلَى حِكَايَةِ الْأُصُولِيِّينَ) ، وَهِيَ مُخْتَصَرَةٌ مِمَّا أَسْنَدَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ إلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزِّبَعْرَى إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عَلَيْك {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} [الأنبياء: 98] قَالَ نَعَمْ قَالَ فَقَدْ عُبِدَتْ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالْمَلَائِكَةُ وَعِيسَى وَعُزَيْرٌ فَكُلُّ هَؤُلَاءِ فِي النَّارِ مَعَ آلِهَتِنَا فَنَزَلَتْ {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} [الأنبياء: 101] وَنَزَلَتْ {وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلا} [الزخرف: 57] إلَى قَوْلِهِ {خَصِمُونَ} [الزخرف: 58] » ثُمَّ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وَكَوْنُهُ جَدَلٌ مُتَعَنِّتٌ ظَاهِرٌ مِنْ هَذَا وَمِمَّا تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْآمِدِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ كَالْقَاضِي عَضُدِ الدِّينِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ «مَا أَجْهَلَك بِلُغَةِ قَوْمِك» لِمَا لَا يَعْقِلُ فَقَالَ السُّبْكِيُّ: فَشَيْءٌ لَا يُعْرَفُ وَقَالَ شَيْخُنَا الْحَافِظُ: لَا أَصْلَ لَهُ مِنْ طَرِيقٍ ثَابِتَةٍ وَلَا وَاهِيَةٍ (وَأَمَّا عَلَى بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «أَنَّهُ سَأَلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهَذَا لِكُلِّ مَا عُبِدَ فَقَالَ نَعَمْ» فَلَا) يَكُونُ جَدَلٌ مُتَعَنِّتٌ وَبِهَذِهِ الرِّوَايَةِ نَقَضَ الْحَافِظُ الزَّيْلَعِيُّ قَوْلَ السُّهَيْلِيِّ السَّابِقِ لَكِنْ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَفِي صِحَّتِهِ) أَيْ هَذَا الْمَرْوِيِّ (بُعْدٌ) مِنْ جِهَةِ الدِّرَايَةِ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَرْدُوَيْهِ وَالْوَاحِدِيُّ بِلَفْظِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ أَهَذَا لِآلِهَتِنَا أَوْ لِكُلِّ مَنْ عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَالَ أَلَسْت تَزْعُمُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ عِبَادٌ صَالِحُونَ وَأَنَّ عِيسَى عَبْدٌ صَالِحٌ وَأَنَّ عُزَيْرًا عَبْدٌ صَالِحٌ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَهَذِهِ النَّصَارَى تَعْبُدُ عِيسَى، وَهَذِهِ الْيَهُودُ تَعْبُدُ عُزَيْرًا وَقَدْ عَبَدْت

اسم الکتاب : التقرير والتحبير علي تحرير الكمال بن الهمام المؤلف : ابن أمير حاج    الجزء : 1  صفحة : 247
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست