اسم الکتاب : البرهان في أصول الفقه المؤلف : الجويني، أبو المعالي الجزء : 1 صفحة : 150
ثم علمنا قطعا أن جميع الألفاظ المتعلقة بالأحكام من الكتاب والسنة يتطرق إليها الخصوص وإن استوعب الطالب عمره مكبا على الطلب الحثيث فلا يطلع على عام شرعي لا يتطرق إليه الخصوص ونحن نعلم ضرورة أنهم ما كانوا يقفون عن العمل إذا لاحت لهم مثنوية أو ظهر مخصص فالدال على عملهم بالظواهر على هذا الوجه مقرر فاقتضى عموم هذا القول أن يوجب إعمال الظواهر في بقية المسميات مع الحكم بكون اللفظ مجازا من حيث جاز موجب الوضع.
والذي أراه في ذلك أنه اشترك في اللفظ موجب الحقيقة والمجاز جميعا أما العمل فكما قرره القاضي ووجه اشتراك الحقيقة والمجاز أن تناول اللفظ لبقية المسيمات لا تجوز فيه فهو من هذا الوجه حقيقة في التناول واختصاصه بها وقصوره عما عداها جهة في التجوز فالقول الكامل أن العمل واجب واللفظ حقيقة في تناول البقية مجاز في الاختصاص.
فصل: في معنى النص والظاهر والمجمل والمتشابه والمحكم.
قد ذكرنا أن الأولى تقديم كلام يحوى حقيقة النص والظاهر والمجمل والمتشابه والمحكم حتى إذا نجز الغرض فيه أعقبناه بما يقع التخصيص به ثم أوردنا الكلام في رتب التأويلات والمقبول منها والمردود.
معنى النص
314- فلتقع البداية بالنص وقد اختلفت عبارات الأصحاب في حقيقته فقال بعضهم هو لفظ مفيد لا يتطرق إليه تأويل وقال بعض المتأخرين هو لفظ مفيد استوى ظاهره وباطنه واعترض بعض المتكلمين على ذكر اللفظ في محاولة تحقيق النص فقال الفحوى تقع نصا وإن لم يكن معناها مصرحا به لفظا.
وهذا السؤال ساقط لأن الفحوى لا استقلال لها وإنما هي مقتضى لفظ على نظم ونضد مخصوص قال تعالى في سياق الأمر بالبر والنهي عن العقوق والاستحثاث على رعاية حقوق الوالدين: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا} [1] فكان سياق الكلام على هذا الوجه مفيدا تحريم الضرب العنيف ناصا وهو متلقى من نظم. [1] آية "23" سورة الإسراء.
اسم الکتاب : البرهان في أصول الفقه المؤلف : الجويني، أبو المعالي الجزء : 1 صفحة : 150