responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المحيط في أصول الفقه المؤلف : الزركشي، بدر الدين    الجزء : 2  صفحة : 113
قُلْت: وَالشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإسْفَرايِينِيّ وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَابْنُ الْقُشَيْرِيّ، وَنَقَلَهُ فِي " الْمُرْشِدِ " عَنْ كَثِيرٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا وَمِنْ الْأَقْدَمِينَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ فِي كِتَابِ " الدَّلَائِلِ وَالْإِعْلَامِ " وَهُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي " الْأُمِّ " فَإِنَّهُ قَالَ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» أَنَّ عَلَيْكُمْ إتْيَانَ الْأَمْرِ فِيمَا اسْتَطَعْتُمْ، لِأَنَّ النَّاسَ إنَّمَا كُلِّفُوا فِيمَا اسْتَطَاعُوا مِنْ الْفِعْلِ اسْتِطَاعَةَ شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ مُكَلَّفٌ.
وَأَمَّا النَّهْيُ فَالتُّرْكُ لِكُلِّ مَا أَرَادَ تَرْكَهُ مُنْقَطِعٌ، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِتَكْلِيفِ شَيْءٍ يَحْدُثُ، إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ مُتَكَلَّفٌ عَنْهُ. اهـ لَفْظُهُ.
قَالَ ابْنُ الْقُشَيْرِيّ: وَلَيْسَ مَأْخَذُ الْمَانِعِينَ مِنْ الْأَصْحَابِ التَّقْبِيحُ الْعَقْلِيُّ كَمَا صَارَ إلَيْهِ الْمُعْتَزِلَةُ بَلْ مَأْخَذُهُمْ: أَنَّ الْفِعْلَ وَالتَّرْكَ لَا يَصِحَّانِ مِنْ الْعَاجِزِ فَبَطَلَ تَقْدِيرُ الْوُجُوبِ وَعَلَى هَذَا إنَّمَا كُلِّفَ أَبُو لَهَبٍ بِأَنْ يُصَدِّقَ بِأَنْ لَا يَصْدُقَ، بَلْ كُلِّفَ أَنْ يُصَدِّقَ، وَلَوْ صَدَّقَ لَكَانَ مِمَّنْ لَا يَصْدُقُ، لِقَوْلِهِ: {سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ} [المسد: 3] أَيْ إنْ لَمْ يُؤْمِنْ، وَخِلَافُ الْمَعْلُومِ مَقْدُورٌ، فَلَا يُمْكِنُ تَكْلِيفُ الْعَاجِزِ.
وَالثَّالِثُ: التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُمْتَنِعًا لِذَاتِهِ فَلَا يَجُوزُ، أَوْ لِغَيْرِهِ فَيَجُوزُ، وَنُقِلَ عَنْ مُعْتَزِلَةِ بَغْدَادَ وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيُّ وَنَقَلَهُ عَنْ مَيْلِ الْغَزَالِيِّ وَقَدْ رَأَيْت فِي " الْإِحْيَاءِ " لَهُ التَّصْرِيحُ بِالْجَوَازِ، وَقَالَ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ وَجَدَ لَهُ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ. وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ فِي " شَرْحِ الْعُنْوَانِ " الْمُخْتَارُ امْتِنَاعُ التَّكْلِيفِ بِالْمُحَالِ، وَاَلَّذِي يَمْنَعُهُ الْمُحَالُ بِنَفْسِهِ وَإِيمَانُ أَبِي لَهَبٍ مُمْكِنٌ فِي نَفْسِهِ مُسْتَحِيلٌ لِتَعَلُّقِ الْعِلْمِ بِعَدَمِهِ فَلَا يَكُونُ

اسم الکتاب : البحر المحيط في أصول الفقه المؤلف : الزركشي، بدر الدين    الجزء : 2  صفحة : 113
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست