responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البحر المحيط في أصول الفقه المؤلف : الزركشي، بدر الدين    الجزء : 2  صفحة : 112
وَحَاوَلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ نَفْيَ هَذَا الْمَذْهَبِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ، وَزَعَمَ أَنَّ الَّذِي جَوَّزَهُ وُرُودُ صِيغَةٍ مُضَاهِيَةٍ لِصِيغَةِ الْأَمْرِ، وَالْغَرَضُ مِنْهَا تَعْجِيزُ وَتَبْيِينُ حُلُولِ الْعِقَابِ الَّذِي لَا مَحِيصَ عَنْهُ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ طَلَبًا وَاقْتِضَاءً، وَمَثَّلَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40] فَإِنَّ ظَاهِرَهُ تَعْلِيقُ الْخَلَاصِ مِنْ الْعِقَابِ بِانْسِلَاكِ الْجَمَلِ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ، وَلَيْسَ هُوَ عَلَى الْحَقِيقَةِ تَعْلِيقًا، وَإِنَّمَا هُوَ إبْدَاءُ الْيَأْسِ مِنْ النَّجَاةِ.
وَيَدُلُّك عَلَى ذَلِكَ صَدْرُ الْآيَةِ {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] وَهَذَا مَا حَكَاهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي " الشَّامِلِ " عَنْ وَالِدِهِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيِّ وَارْتَضَاهُ صَاحِبُ " الْمَحْصُولِ " حَيْثُ قَالَ فِي بَعْضِ الْأَجْوِبَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: الْمُرَادُ بِقَوْلِنَا: التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ جَائِزٌ أَنَّهُ يَجُوزُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى الْأَمْرُ بِالْمُحَالِ لِذَاتِهِ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَتَصَوَّرُ الطَّاعَةَ مِنَّا فِي ذَلِكَ، بَلْ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يَأْمُرَ بِأَمْرٍ نَعْجَزُ عَنْهُ قَطْعًا وَأَنَّهُ مَتَى أَمَرَنَا بِهِ حَصَلَ الْإِعْلَامُ بِنُزُولِ الْعِقَابِ لَكِنَّ إمَامَ الْحَرَمَيْنِ لَمَّا حَكَاهُ عَنْ وَالِدِهِ قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ، وَذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ عَقْلًا تَسْمِيَةُ الطَّلَبِ مِنْ الْمُحَالِ لَزِمَ مِثْلُهُ وَتَكْلِيفُ مَنْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْفِعْلِ وَإِنْ سَاغَ تَسْمِيَةُ ذَلِكَ طَلَبًا سَاغَ فِي تَكْلِيفِ الْمُحَالِ وَيُعْتَضَدُ ذَلِكَ بِأَصْلٍ عَظِيمٍ مِنْ أُصُولِنَا، وَهُوَ أَنَّ التَّكْلِيفَ الصَّادِرَ لَيْسَ مَنِّ شَرْطِ ثُبُوتِهِ كَوْنُ الْمُكَلَّفِ مُرِيدًا لِوُقُوعِ الْمُكَلَّفِ بِهِ، وَإِنَّمَا يَسْتَحِيلُ إرَادَةُ وُقُوعِ الْمُحَالِ، وَأَمَّا طَلَبُهُ مَعَ انْتِفَاءِ إرَادَةِ امْتِنَاعِهِ فَلَا اسْتِحَالَةَ فِيهِ.
وَالثَّانِي: الْمَنْعُ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ الْمُعْتَزِلَةِ، قَالَ ابْنُ بَرْهَانٍ فِي " الْأَوْسَطِ ": وَسَاعَدَهُمْ أَبُو حَامِدٍ الْغَزَالِيُّ.

اسم الکتاب : البحر المحيط في أصول الفقه المؤلف : الزركشي، بدر الدين    الجزء : 2  صفحة : 112
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست