responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 97
[الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي حَقِيقَةِ الْوُجُوبِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْمَسَائِلِ]
[الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى هَلِ الْفَرْضُ غَيْرُ الْوَاجِبِ أَوْ هُوَ هُوَ]
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ
فِي حَقِيقَةِ الْوُجُوبِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنَ الْمَسَائِلِ
أَمَّا حَقِيقَةُ الْوُجُوبِ، فَاعْلَمْ أَنَّ الْوُجُوبَ فِي اللُّغَةِ قَدْ يُطْلَقُ بِمَعْنَى السُّقُوطِ وَمِنْهُ يُقَالُ: وَجَبَتِ الشَّمْسُ: إِذَا سَقَطَتْ، وَوَجَبَ الْحَائِطُ: إِذَا سَقَطَ.
وَقَدْ يُطْلَقُ بِمَعْنَى الثُّبُوتِ وَالِاسْتِقْرَارِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «إِذَا وَجَبَ الْمَرِيضُ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ» " [1] أَيِ اسْتَقَرَّ وَزَالَ عَنْهُ التَّزَلْزُلُ وَالِاضْطِرَابُ.
وَأَمَّا فِي الْعُرْفِ الشَّرْعِيِّ فَقَدْ قِيلَ: " هُوَ مَا يَسْتَحِقُّ تَارِكُهُ الْعِقَابَ عَلَى تَرْكِهِ " وَهُوَ إِنْ أُرِيدَ (بِالِاسْتِحْقَاقِ) مَا يَسْتَدْعِي مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ فَبَاطِلٌ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ، وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى أَحَدٍ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ بِالْإِجْمَاعِ.
وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ لَوْ عُوقِبَ لَكَانَ ذَلِكَ مُلَائِمًا لِنَظَرِ الشَّارِعِ فَلَا بَأْسَ بِهِ.
وَقِيلَ: هُوَ (مَا تُوُعِّدَ بِالْعِقَابِ عَلَى تَرْكِهِ) وَهُوَ بَاطِلٌ ; لِأَنَّ التَّوَعُّدَ بِالْعِقَابِ عَلَى التَّرْكِ خَبَرٌ، وَلَوْ وَرَدَ لَتَحَقَّقَ الْعِقَابُ بِتَقْدِيرِ التُّرْكِ لِاسْتِحَالَةِ الْخُلْفِ فِي خَبَرِ الصَّادِقِ [2] ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ يُعَدُّ كَرْمًا وَفَضِيلَةً لِمَا يَلْزَمُهُ مِنَ الْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِجَوَازِ الْعَفْوِ عَنْهُ.
وَقِيلَ: هُوَ (الَّذِي يُخَافُ الْعِقَابُ عَلَى تَرْكِهِ) وَيَبْطُلُ بِالْمَشْكُوكِ فِي وُجُوبِهِ، كَيْفَ وَإِنَّ هَذِهِ الْحُدُودَ لَيْسَتْ حَدًّا لِلْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ، وَهُوَ الْوُجُوبُ بَلْ لِلْفِعْلِ الَّذِي هُوَ مُتَعَلِّقُ الْوُجُوبِ.

[1] جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَتِيكِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَتِيكٍ، عَنْ عَمِّهِ جَابِرٍ بِلَفْظِ: " فَإِذَا وَجَبَ فَلَا تَبْكِيَنَّ بَاكِيَةٌ " وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْمَرِيضِ، وَفِيهِ أَنَّهُ سُئِلَ: مَا الْوُجُوبُ؟ فَقَالَ: الْمَوْتُ.
[2] قَدْ يُقَالُ: لَا تُعْتَبَرُ النَّجَاةُ مِنَ الْعَذَابِ لِعَفْوٍ أَوْ تَوْبَةٍ أَوْ مُقَاصَّةٍ خُلْفًا فِي الْخَبَرِ ; لِأَنَّ نُصُوصَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بَيَّنَتْ أَخْبَارَ الْوَعِيدِ، مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونُ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ) وَقَوْلِهِ: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا) وَقَوْلِهِ: (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ. . .) الْآيَةَ.
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 97
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست