responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 93
وَأَمَّا الْآيَةُ الْأُخْرَى، وَإِنْ سَلَّمْنَا كَوْنَ الْمَفْهُومِ حُجَّةً فَالِاعْتِرَاضُ عَلَى الْآيَةِ الْأُولَى بِعَيْنِهِ وَارِدٌ هَاهُنَا، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنَ الْمَعْقُولِ فَقَدْ سَبَقَ مَا فِيهِ. كَيْفَ وَأَنَّ مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى نَفْيِ الْحُكْمِ حُكْمٌ بِنَفْيِ الْحُكْمِ فَكَانَ مُتَنَاقِضًا.
وَالْجَوَابُ عَنِ السُّؤَالِ الْأَوَّلِ: أَنَّ وُقُوعَ الْعَذَابِ بِالْفِعْلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا مِنْ تَرْكِ الْوَاجِبِ وَفِعْلِ الْمُحَرَّمِ فَلَازِمُهُ عَدَمُ الْأَمْنِ مِنْ ذَلِكَ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْوَاجِبِ وَالْمُحَرَّمِ دُونَهُ. وَهَذَا اللَّازِمُ مُنْتَفٍ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ فَلَا مَلْزُومَ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا ذَكَرُوهُ مِنَ السُّؤَالِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ.
وَالتَّمَسُّكُ بِالْآيَةِ إِنَّمَا هُوَ فِي نَفْيِ الْوُجُوبِ وَالْحُرْمَةِ قَبْلُ لَا غَيْرُ، وَنَفْيُ مَا سِوَى ذَلِكَ فَإِنَّمَا يُسْتَفَادُ مِنْ دَلِيلٍ آخَرَ عَلَى مَا سَنُبَيِّنُهُ، وَبِهِ انْدَفَعَ السُّؤَالُ الرَّابِعُ. [1] وَمَا ذَكَرُوهُ عَلَى الدَّلِيلِ الْعَقْلِيِّ فَقَدْ سَبَقَ أَيْضًا جَوَابُهُ، وَنَفْيُ الْحُكْمِ وَإِنْ كَانَ حُكْمًا غَيْرَ أَنَّ الْمَنْفِيَّ لَيْسَ هُوَ الْحُكْمَ مُطْلَقًا لِيَلْزَمَ التَّنَاقُضُ، بَلْ نَفْيُ مَا أَثْبَتُوهُ مِنَ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا تَنَاقُضَ.
وَأَمَّا الْقَائِلُونَ بِالْإِبَاحَةِ إِنْ فَسَّرُوهَا بِنَفْيِ الْحَرَجِ عَنِ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ، فَلَا نِزَاعَ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي صِحَّةِ إِطْلَاقِ لَفْظِ الْإِبَاحَةِ بِإِزَائِهِ، وَلِهَذَا فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ إِطْلَاقُ لَفْظِ الْإِبَاحَةِ عَلَى أَفْعَالِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ تَحَقُّقٍ ذَلِكَ الْمَعْنَى فِيهَا، وَإِنْ فَسَّرُوهَا بِتَخْيِيرِ الْفَاعِلِ بَيْنَ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ التَّخْيِيرُ لِلْفَاعِلِ مِنْ نَفْسِهِ وَإِمَّا مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَيَلْزَمُ مِنْهُ تَسْمِيَةُ أَفْعَالِ اللَّهِ مُبَاحَةً لِتَحَقُّقٍ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ بِالْإِجْمَاعِ. . وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَالْمُخَيِّرُ إِمَّا الشَّرْعُ وَإِمَّا الْعَقْل بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا شَرْعَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ، وَتَخْيِيرُ الْعَقْلِ عِنْدَهُمْ إِنَّمَا يَكُونُ فِيمَا اسْتَوَى فِعْلُهُ وَتَرْكُهُ مِنَ الْأَفْعَالِ الْحَسَنَةِ عَقْلًا، أَوْ فِيمَا لَمْ يَقْضِ الْعَقْلُ فِيهِ بِحُسْنٍ وَلَا قُبْحٍ، وَهُوَ فَرْعُ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ الْعَقْلِيِّ، وَقَدْ أَبْطَلْنَاهُ [2] ، وَإِنْ فَسَّرُوهُ بِأَمْرٍ آخَرَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَصْوِيرِهِ.

[1] هُوَ قَوْلُهُمْ: لَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْإِبَاحَةِ وَالْوَقْفِ.
[2] تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا ثَابِتَانِ لِلْفِعْلِ، إِلَّا أَنَّ اسْتِلْزَامَهُمَا لِلْحُكْمِ مَمْنُوعٌ، بَلْ تَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَيْهِمَا إِلَى الشَّرْعِ.
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 93
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست