responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 74
فَقَدِ اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِيهِ:
فَذَهَبَ الْأَشْعَرِيُّ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْوَاضِعَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى، وَوَضْعُهُ مُتَلَقًّى لَنَا مِنْ جِهَةِ التَّوْقِيفِ الْإِلَهِيِّ، إِمَّا بِالْوَحْيِ، أَوْ بِأَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ الْأَصْوَاتَ وَالْحُرُوفَ وَيُسْمِعَهَا لِوَاحِدٍ أَوْ لِجَمَاعَةٍ وَيَخْلُقَ لَهُ أَوْ لَهُمُ الْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ بِأَنَّهَا قُصِدَتْ لِلدَّلَالَةِ عَلَى الْمَعَانِي؛ مُحْتَجِّينَ عَلَى ذَلِكَ بِآيَاتٍ:
مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ - قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} دَلَّ عَلَى أَنَّ آدَمَ وَالْمَلَائِكَةَ لَا يَعْلَمُونَ إِلَّا بِتَعْلِيمِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ - الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ - عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} وَاللُّغَاتُ دَاخِلَةٌ فِي هَذِهِ الْمَعْلُومَاتِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} ذَمَّهُمْ عَلَى تَسْمِيَةِ بَعْضِ الْأَشْيَاءِ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيفٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مَا عَدَاهَا تَوْقِيفٌ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ} وَالْمُرَادُ بِهِ اللُّغَاتُ لَا نَفْسُ اخْتِلَافِ هَيْئَاتِ الْجَوَارِحِ مِنَ الْأَلْسِنَةِ ; لِأَنَّ اخْتِلَافَ اللُّغَاتِ أَبْلَغُ فِي مَقْصُودِ الْآيَةِ، فَكَانَ أَوْلَى بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ.
وَذَهَبَتِ الْبَهْشَمِيَّةُ [1] وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ إِلَى أَنَّ ذَلِكَ مِنْ وَضْعِ أَرْبَابِ اللُّغَاتِ وَاصْطِلَاحِهِمْ، وَأَنَّ وَاحِدًا أَوْ جَمَاعَةً انْبَعَثَتْ دَاعِيَتُهُ أَوْ دَوَاعِيهِمْ إِلَى وَضْعِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ بِإِزَاءِ مَعَانِيهَا، ثُمَّ حَصَلَ تَعْرِيفُ الْبَاقِينَ بِالْإِشَارَةِ وَالتَّكْرَارِ كَمَا يَفْعَلُ الْوَالِدَانِ بِالْوَلَدِ الرَّضِيعِ، وَكَمَا يُعَرِّفُ الْأَخْرَسُ مَا فِي ضَمِيرِهِ بِالْإِشَارَةِ وَالتَّكْرَارِ مَرَّةً بَعْد أُخْرَى؛ مُحْتَجِّينَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى تَقَدُّمِ اللُّغَةِ عَلَى الْبَعْثَةِ وَالتَّوْقِيفِ.
وَذَهَبَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ الْإِسْفِرَائِينِيُّ إِلَى أَنَّ الْقَدْرَ الَّذِي يَدْعُو بِهِ الْإِنْسَانُ غَيْرَهُ إِلَى التَّوَاضُعِ بِالتَّوْقِيفِ، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ بِالِاصْطِلَاحِ فَالِاصْطِلَاحُ عَلَيْهِ

[1] نِسْبَةً إِلَى أَبِي هَاشِمٍ الْجُبَّائِيّ عَلَى طَرِيقِ النَّحْتِ، وَاسْمُهُ عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ الْجُبَّائِيّ.
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 74
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست