responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 48
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَ} فَمَحْمُولٌ أَيْضًا عَلَى حَقِيقَتِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يَتَعَذَّرُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى خَلْقُ الْإِرَادَةِ فِيهِ.
سَلَّمْنَا دَلَالَةَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ عَلَى التَّجَوُّزِ، لَكِنَّهُ مُعَارَضٌ بِمَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَجَازَ كَذِبٌ، وَلِذَلِكَ يَصْدُقُ نَفْيُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْقَائِلِ لِلْبَلِيدِ (حِمَارٌ) وَلِلْإِنْسَانِ الشُّجَاعِ (أَسَدٌ) ، وَنَقِيضُ النَّفْيِ الصَّادِقِ يَكُونُ كَاذِبًا، وَلِأَنَّ الْمَجَازَ هُوَ الرَّكِيكُ مِنَ الْكَلَامِ، وَكَلَامُ الرَّبِّ تَعَالَى مِمَّا يُصَانُ عَنْهُ.
سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَيْسَ بِكَذِبٍ، غَيْرَ أَنَّهُ إِنَّمَا يُصَارُ إِلَيْهِ ثُمَّ الْعَجْزُ عَنِ الْحَقِيقَةِ وَيَتَعَالَى الرَّبُّ عَنْ ذَلِكَ.
سَلَّمْنَا أَنَّهُ غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى الْعَجْزِ عَنِ الْحَقِيقَةِ، غَيْرَ أَنَّهُ مِمَّا لَا يُفِيدُ مَعْنَاهُ بِلَفْظِهِ دُونَ قَرِينَةٍ، وَرُبَّمَا تَخْفَى فَيَقَعُ الِالْتِبَاسُ عَلَى الْمُخَاطَبِ، وَهُوَ قَبِيحٌ مِنَ الْحَكِيمِ.
سَلَّمْنَا أَنَّهُ لَا يُفْضِي إِلَى الِالْتِبَاسِ غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا خَاطَبَ بِالْمَجَازِ وَجَبَ وَصْفُهُ بِكَوْنِهِ مُتَجَوِّزًا نَظَرًا إِلَى الِاشْتِقَاقِ كَمَا فِي الْوَاحِدِ مِنَّا وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ.
سَلَّمْنَا عَدَمَ اتِّصَافِهِ غَيْرَ أَنَّ كَلَامَ اللَّهِ تَعَالَى حَقٌّ فَلَهُ حَقِيقَةٌ وَالْحَقِيقَةُ مُقَابِلَةٌ لِلْمَجَازِ.
وَالْجَوَابُ قَوْلُهُمْ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} لِنَفْيِ التَّشْبِيهِ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَوْ كَانَتِ الْكَافُ هَاهُنَا لِلتَّشْبِيهِ لَكَانَ مَعْنَى النَّفْيِ: لَيْسَ مِثْلَ مِثْلِهِ شَيْءٌ، وَهُوَ تَنَاقُضٌ، ضَرُورَةَ أَنَّهُ مِثْلٌ لِمَثَلِهِ، فَالْمِثْلُ فِي الْآيَةِ زَائِدٌ، وَالْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِمْ مِثْلُكَ لَا يَقُولُ هَذَا الْمُشَارِكُ لَهُ فِي صِفَاتِهِ.
وَقَوْلُهُمْ: الْمُرَادُ مِنَ الْقَرْيَةِ النَّاسُ الْمُجْتَمِعُونَ، لَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْقَرْيَةَ هِيَ الْمَحَلُّ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ الِاجْتِمَاعُ لَا نَفْسُ الِاجْتِمَاعِ، وَمِنْ ذَلِكَ سُمِّيَ الزَّمَانُ الَّذِي فِيهِ يَجْتَمِعُ دَمُ الْحَيْضِ قُرْءً، وَكَذَلِكَ يُقَالُ: الْقَارِيُّ لِجَامِعِ الْقُرْآنِ، وَالْمُقْرِي لِجَامِعِ الْأَضْيَافِ.
قَوْلُهُمْ: إِنَّ الْعِيرَ هِيَ الْقَافِلَةُ الْمُجْتَمِعَةُ مِنَ النَّاسِ.
قُلْنَا: مِنَ النَّاسِ وَالْبَهَائِمِ لَا نَفْسِ النَّاسِ فَقَطْ، وَلِهَذَا لَا يُقَالُ لِمُجْتَمَعِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُمْ بَهَائِمُ: قَافِلَةٌ.

اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 48
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست