responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 280
وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنِ اشْتِرَاكِهِمْ فِي عَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ، وَإِنْ كَانَ عَمَلُهُمْ مُوَافِقًا لِمُقْتَضَاهُ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمْ بِمَعْرِفَةِ مَا لَمْ يَبْلُغْهُمْ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُمْ، وَأَمَّا الْآيَةُ فَلَا حُجَّةَ فِيهَا هَاهُنَا، لِأَنَّ سَبِيلَ كُلِّ طَائِفَةٍ مَا كَانَ مِنَ الْأَفْعَالِ الْمَقْصُودَةِ لَهُمُ الْمُتَدَاوَلَةُ فِيمَا بَيْنَهُمْ بِاتِّفَاقٍ مِنْهُمْ عَلَى مَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ إِلَى الْفَهْمِ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: سَبِيلُ فُلَانٍ كَذَا وَسَبِيلُ فُلَانٍ كَذَا.
وَعَدَمُ الْعِلْمِ لَيْسَ مِنْ فِعْلِ الْأُمَّةِ فَلَا يَكُونُ سَبِيلًا لَهُمْ، كَيْفَ وَإِنَّا نَعْلَمُ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْآيَةِ إِنَّمَا هُوَ الْحَثُّ عَلَى مُتَابَعَةِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَوْ كَانَ عَدَمُ الْعِلْمِ بِالدَّلِيلِ سَبِيلًا لَهُمْ لَكَانَتِ الْآيَةُ حَاثَّةً عَلَى مُتَابَعَتِهِ، وَالشَّارِعُ لَا يَحُثُّ عَلَى الْجَهْلِ بِأَدِلَّتِهِ الشَّرْعِيَّةِ إِجْمَاعًا.
وَأَمَّا إِنْ كَانَ عَمَلُهُمْ عَلَى خِلَافِهِ فَهُوَ مُحَالٌ لِمَا فِيهِ مِنْ إِجْمَاعِ الْأُمَّةِ عَلَى الْخَطَأِ الْمَنْفِيِّ بِالْأَدِلَّةِ السَّمْعِيَّةِ.

[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ هل يمكن ارتداد الأمة]
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ
اخْتَلَفُوا فِي تَصَوُّرِ ارْتِدَادِ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي عَصْرٍ مِنَ الْأَعْصَارِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا، وَلَا شَكَّ فِي تَصَوُّرِ ذَلِكَ عَقْلًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي امْتِنَاعِهِ سَمْعًا، وَالْمُخْتَارُ امْتِنَاعُهُ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ، أُمَّتِي لَا تَجْتَمِعُ عَلَى الْخَطَأِ» " إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ السَّابِقَةِ الدَّالَّةِ عَلَى عِصْمَةِ الْأُمَّةِ عَنْ فِعْلِ الْخَطَأِ وَالضَّلَالِ [1] .
فَإِنْ قِيلَ: حَالُ ارْتِدَادِهِمْ لَيْسَ هُمْ مِنْ أُمَّتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَلَا تَكُونُ الْأَخْبَارُ مُتَنَاوِلَةً لَهُمْ.
قُلْنَا: الْأَخْبَارُ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِمُ الِاتِّفَاقُ عَلَى الْخَطَأِ، وَإِذَا ارْتَدَّتِ الْأُمَّةُ صَدَقَ قَوْلُ الْقَائِلِ: إِنَّ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ قَدِ اتَّفَقَتْ عَلَى الرِّدَّةِ، وَالرِّدَّةُ مِنَ الْخَطَأِ، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ.

[1] فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى لَا يُقَالَ فِي الْأَرْضِ: اللَّهُ اللَّهُ ". وَفِي رِوَايَةٍ: لَا تَقُومُ السَّاعَةُ عَلَى أَحَدٍ يَقُولُ: اللَّهُ اللَّهُ. فَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَمَا أَشْبَهَهُ يُعَارِضُ عُمُومَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي اسْتُدِلَّ بِهَا عَلَى عِصْمَةِ الْأُمَّةِ فِي إِجْمَاعِهَا فِي أَيِّ عَصْرٍ إِلَى أَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ.
وَلَكِنَّ نُصُوصَ الشَّرِيعَةِ لَا تَتَنَاقَضُ، فَيَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهَا، وَذَلِكَ بِتَخْصِيصِ عُمُومِ أَحَادِيثِ عِصْمَةِ الْأُمَّةِ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ الْمُتَقَدِّمِ وَنَحْوِهِ مِمَّا دَلَّ عَلَى أَنَّ السَّاعَةَ لَا تَقُومُ إِلَّا عَلَى شِرَارِ الْخَلْقِ، وَحَدِيثُ قَبْضِ الْعِلْمِ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، وَيُرْشِدُ إِلَى ذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَفِيهِ أَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ رِيحًا لَيِّنَةً عِنْدَهَا تَقْبِضُ رُوحَ كُلِّ مُؤْمِنٍ، ثُمَّ لَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى رِدَّةِ الْأُمَّةِ.
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 280
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست