responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 239
وَعَنِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ التَّرْجِيحِ بِالْكَثْرَةِ فِي الرِّوَايَةِ الَّتِي يُطْلَبُ مِنْهَا غَلَبَةُ الظَّنِّ دُونَ الْيَقِينِ مِثْلُهُ فِي الْإِجْمَاعِ، مَعَ كَوْنِهِ يَقِينِيًّا، كَيْفَ وَإِنَّهُ لَوِ اعْتُبِرَ فِي الْإِجْمَاعِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الرِّوَايَةِ لَكَانَ مَصِيرُ الْوَاحِدِ إِلَى الْحُكْمِ وَحْدَهُ إِجْمَاعًا كَمَا أَنَّ رِوَايَتَهُ وَحْدَهُ مَقْبُولَةٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
وَعَنِ الثَّالِثَةِ: أَنَّ الِاحْتِجَاجَ بِالْإِجْمَاعِ إِنَّمَا يَكُونُ حَيْثُ عُلِمَ الِاتِّفَاقُ مِنَ الْكُلِّ إِمَّا بِصَرِيحِ الْمَقَالِ أَوْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ، وَذَلِكَ مُمْكِنٌ حَسَبَ إِمْكَانِ الْعِلْمِ بِاتِّفَاقِ الْأَكْثَرِ، وَأَمَّا حَيْثُ لَا يُعْلَمُ فَلَا.
وَإِنْ قِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ مُمْكِنٍ، فَمِثْلُهُ أَيْضًا جَارٍ فِي الْأَكْثَرِ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَنْعَقِدَ الْإِجْمَاعُ أَصْلًا، وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلَيْنِ (1)
وَعَنِ الرَّابِعَةِ: أَنَّهُ يَكُونُ حُجَّةً عَلَى مَنْ خَالَفَ مِنْهُمْ بَعْدَ الْوِفَاقِ فِي زَمَنِهِمْ، وَعَلَى مَنْ يُوجَدُ بِعْدَهُمْ، ثُمَّ إِنَّ كَانَ الْإِجْمَاعُ لَا يَكُونُ حُجَّةً إِلَّا مَعَ الْخِلَافِ، فَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ خِلَافٌ لَا يَكُونُ إِجْمَاعٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْإِحَالَةِ.
وَعَنِ الْخَامِسَةِ: أَنَّ إِنْكَارَ الصَّحَابَةِ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ لَمْ يَكُنْ بِنَاءً عَلَى إِجْمَاعِهِمْ وَاجْتِهَادِهِمْ، بَلْ بِنَاءً عَلَى مُخَالَفَةِ مَا رَوَوْهُ لَهُ مِنَ الْأَخْبَارِ الدَّالَّةِ عَلَى تَحْرِيمِ رِبَا الْفَضْلِ وَنَسْخِ الْمُتْعَةِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ الْمُجْتَهِدِينَ فِي مُنَاظَرَاتِهِمْ، وَالْإِنْكَارِ عَلَى مُخَالَفَةِ مَا ظَهَرَ لَهُمْ مِنَ الدَّلِيلِ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمُ الْمَأْخَذَ مِنْ جَانِبِ الْخَصْمِ، وَذَلِكَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنْ شَاءَ بَاهَلَنِي بَاهَلْتُهُ، وَالَّذِي أَحْصَى رَمْلَ عَالِجٍ عَدَدًا مَا جَعَلَ اللَّهُ فِي الْفَرِيضَةِ نِصْفًا وَنِصْفًا وَثُلْثًا، هَذَانِ نِصْفَانِ ذَهَبَا بِالْمَالِ فَأَيْنَ مَوْضِعُ الثُّلُثِ، وَقَالَ آخَرُ: أَلَا يَتَّقِي اللَّهَ زَيْدٌ يَجْعَلُ ابْنَ الِابْنِ ابْنًا وَلَا يَجْعَلُ أَبَ الْأَبِ أَبًا، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَوْدَ إِلَى قَوْلِهِ وَاجِبٌ عَلَى مَنْ خَالَفَهُ بَلْ بِمَعْنَى طَلَبِ الْكَشْفِ عَنْ مَأْخَذِ الْمُخَالَفَةِ.
وَإِذَا عُرِفَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ اتِّفَاقُ الْأَكْثَرِ إِجْمَاعًا، فَيُمْتَنَعُ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً لِخُرُوجِهِ عَنِ الْأَدِلَّةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا.
وَهِيَ النَّصُّ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ، وَالْقِيَاسُ، وَعَدَمُ دَلِيلٍ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ، وَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ أَوْلَى بِالِاتِّبَاعِ ; لِأَنَّ التَّرْجِيحَ بِالْكَثْرَةِ وَإِنْ كَانَ حَقًّا فِي بَابِ رِوَايَةِ الْأَخْبَارِ لِمَا فِيهِ مِنْ ظُهُورِ أَحَدِ الظَّنَّيْنِ عَلَى الْآخَرِ، فَلَا يَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي بَابِ الِاجْتِهَادِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ مَا ظَهَرَ لَهُ مِنَ الدَّلِيلِ لِمَا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ فِيهِ دَلِيلٌ، أَوْ ظَهَرَ غَيْرَ أَنَّهُ مَرْجُوحٌ فِي نَظَرِهِ.

(1) أَيْ: أَصْلُ الْمُسْتَدِلِّ وَالْمُعْتَرِضِ، وَهُوَ إِمْكَانُ حُصُولِ الْإِجْمَاعِ وَالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ.
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 239
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست