responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 229
[الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ حكم مخالفة المجتهد للإجماع]
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ
الْمُجْتَهِدُ الْمُطْلَقُ، إِذَا كَانَ مُبْتَدِعًا لَا يَخْلُو ; إِمَّا أَنْ لَا يُكَفَّرَ بِبِدْعَتِهِ أَوْ يُكَفَّرَ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ مَعَ مُخَالَفَتِهِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا [1] ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْإِجْمَاعُ لَا يَنْعَقِدُ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى غَيْرِهِ، فَيَجُوزُ لَهُ مُخَالَفَةُ إِجْمَاعِ مَنْ عَدَاهُ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ.
وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ الْإِجْمَاعُ دُونَهُ، لِكَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَدَاخِلًا فِي مَفْهُومِ لَفْظِ الْأُمَّةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْعِصْمَةِ، وَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ فَاسِقًا، وَفِسْقُهُ غَيْرُ مُخِلٍّ بِأَهْلِيَّةِ الِاجْتِهَادِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ فِيمَا يُخْبَرُ بِهِ عَنِ اجْتِهَادِهِ الصِّدْقُ، كَإِخْبَارِ غَيْرِهِ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ.
كَيْفَ وَإِنَّهُ قَدْ يُعْلَمُ صِدْقُ الْفَاسِقِ بِقَرَائِنِ أَحْوَالِهِ فِي مُبَاحَثَاتِهِ وَفَلَتَاتِ لِسَانِهِ، وَإِذَا عُلِمَ صِدْقُهُ، وَهُوَ مُجْتَهِدٌ كَانَ كَغَيْرِهِ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ.
فَإِنْ قِيلَ: إِذَا كَانَ فَاسِقًا، فَالْفَاسِقُ غَيْرُ مَقْبُولِ الْقَوْلِ إِجْمَاعًا فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ، فَكَانَ كَالْكَافِرِ وَالصَّبِيِّ، وَلِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَقْلِيدُهُ فِيمَا يُفْتِي بِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ خِلَافُهُ كَالصَّبِيِّ.
قُلْنَا: إِنَّمَا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا يُخْبِرُ بِهِ إِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَأَوِّلًا وَكَانَ عَالِمًا بِفِسْقِهِ، وَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا، وَعَلَى هَذَا فَلَا نُسَلِّمُ امْتِنَاعَ قَبُولِ فَتْوَاهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ ظَهَرَ صِدْقُهُ عِنْدَهُ.
وَأَمَّا الصَّبِيُّ فَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ قَوْلُهُ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْإِجْمَاعِ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي مُسَمَّى الْأُمَّةِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْعِصْمَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ هُوَ كُفْرَ نَفْسِهِ.
وَعَلَى هَذَا فَلَوْ خَالَفَ فِي مَسْأَلَةٍ فَرْعِيَّةٍ وَبَقِيَ مُصِرًّا عَلَى الْمُخَالَفَةِ حَتَّى تَابَ عَنْ بِدْعَتِهِ فَلَا أَثَرَ لِمُخَالَفَتِهِ ; لِانْعِقَادِ إِجْمَاعِ جَمِيعِ الْأُمَّةِ الْإِسْلَامِيَّةِ قَبْلَ إِسْلَامِهِ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ ثُمَّ خَالَفَ إِلَّا عَلَى رَأْيِ مَنْ يَشْتَرِطُ فِي الْإِجْمَاعِ انْقِرَاضَ عَصْرِ الْمُجْمِعِينَ،

[1] أَيْ: فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا يَنْعَقِدُ لَا عَلَيْهِ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَنْعَقِدُ مُطْلَقًا عَلَيْهِ وَعَلَى غَيْرِهِ.
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 229
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست