responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 224
مَقْطُوعًا بِهِ، وَمَا وَافَقَهُ مِنْ قَوْلِ بَاقِي الْأُمَّةِ أَيْضًا يَكُونُ مَقْطُوعًا بِهِ لِكَوْنِهِ مُوَافِقًا لِلْمَقْطُوعِ بِهِ، وَمُخَالِفُ الْقَاطِعِ مُخْطِئٌ لَا مَحَالَةَ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: أَمَّا الْحُجَّةُ الْأُولَى فَالْعَادَةُ لَا تُحِيلُ الْخَطَأَ عَلَى الْخَلْقِ الْكَثِيرِ بِظَنِّهِمْ مَا لَيْسَ قَاطِعًا قَاطِعًا.
وَلِهَذَا فَإِنَّ الْيَهُودَ مَعَ كَثْرَتِهِمْ كَثْرَةً تَخْرُجُ عَنْ حَدِّ التَّوَاتُرِ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى تَكْذِيبِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَإِنْكَارِ رِسَالَتِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا لِخَطَئِهِمْ فِي ظَنِّ مَا لَيْسَ قَاطِعًا قَاطِعًا.
وَبِالْجُمْلَةِ فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ بِاسْتِحَالَةِ الْخَطَأِ عَلَيْهِمْ فِيمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ، أَوْ لَا يُقَالَ بِاسْتِحَالَتِهِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ مُحَمَّدٌ نَبِيًّا حَقًّا لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى تَكْذِيبِهِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَهُوَ الْمَطْلُوبُ [1] .
فَإِنْ قِيلَ: مَا ذَكَرْتُمُوهُ فِي إِبْطَالِ التَّمَسُّكِ هَاهُنَا بِالْعَادَةِ لَازَمٌ عَلَيْكُمْ فِيمَا ذَكَرْتُمُوهُ فِي الِاحْتِجَاجِ بِالسُّنَّةِ عَلَى كَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً، فَإِنَّ حَاصِلَهُ آيِلٌ إِلَى الِاحْتِجَاجِ بِالْعَادَةِ، وَفِيهِ إِبْطَالُ مَا قَرَّرْتُمُوهُ.
قُلْنَا: الَّذِي تَمَسَّكْنَا بِهِ مِنَ الْعَادَةِ إِحَالَةُ اتِّفَاقِ الْأُمَّةِ عَلَى إِسْنَادِ الْمَقْطُوعِ إِلَى الْأَخْبَارِ الَّتِي مُسْتَنَدُ الْعِلْمِ بِهَا وَبِمَدْلُولِهَا السَّمَاعُ الْمَحْسُوسُ أَوْ قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ، وَالَّذِي لَا نُحِيلُهُ فِي الْعَادَةِ هَاهُنَا إِنَّمَا هُوَ الْغَلَطُ بِظَنِّ مَا لَيْسَ مَقْطُوعًا مَقْطُوعًا بِهِ فِيمَا هُوَ نَظَرِيٌّ وَطُرُقُهُ مُخْتَلِفَةٌ، وَهُوَ غَيْرُ مَحْسُوسٍ، وَلَا مُسْتَنَدُ الْعِلْمِ بِهِ قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ فَافْتَرَقَ الْبَابَانِ.

[1] انْظُرْ مَا تَقَدَّمَ تَعْلِيقًا فِي ص 197، وَاقْرَأْ مَا يَأْتِي مِنَ الْآيَاتِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنَ الْأَحَادِيثِ وَالسِّيرَةِ لِتَعْلَمَ أَنَّ عُلَمَاءَ الْيَهُودِ لَمْ يُجْمِعُوا عَلَى إِنْكَارِ نُبُوُّتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، بَلْ مِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ عِنَادًا وَحَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا خَدَعُوا الْأُمِّيِّينَ مِنْهُمْ فَتَبِعُوهُمْ تَقْلِيدًا لَهُمْ، قَالَ تَعَالَى: (وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ) الْآيَاتِ - الْمَائِدَةِ، وَقَالَ تَعَالَى: (مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ) الْآيَاتِ - آلِ عِمْرَانَ، وَقَالَ تَعَالَى: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ) الْآيَاتِ، الْقَصَصِ، وَقَالَ تَعَالَى: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَكَفَرْتُمْ بِهِ وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ) الْأَحْقَافِ، وَقَالَ: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) الْبَقَرَةِ. وَقَالَ: (وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) الْآيَاتِ - آلِ عِمْرَانَ، وَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ) الْآيَةَ - الْمَائِدَةِ.
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 224
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست