responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 204
مَعْصِيَةٌ عَلَى سَبِيلِ الرَّدِّ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ مَنْ صَدَّقَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَفَعَلَ بَعْضَ الْمَعَاصِي لَا يُقَالُ إِنَّهُ مُشَاقٌّ لِلرَّسُولِ.
وَمَنْ كَذَّبَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَعْلَمَ صِحَّةَ الْإِجْمَاعِ بِالسَّمْعِ، وَمَنْ لَا يَصِحُّ عَلَيْهِ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا بِاتِّبَاعِهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ، وَهُوَ غَيْرُ سَدِيدٍ.
فَإِنَّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ، وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنَ الْمُشَاقَّةِ لِلنَّبِيِّ تَكْذِيبُهُ، وَأَنَّ مَنْ كَذَّبَ النَّبِيَّ لَا يَعْلَمُ بِالسَّمْعِ صِحَّةَ الْإِجْمَاعِ، وَلَكِنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ لَا يَكُونُ مَأْمُورًا بِاتِّبَاعِ الْإِجْمَاعِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْكُفَّارَ غَيْرُ مُخَاطَبِينَ بِفُرُوعِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ بَاطِلٌ بِمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ.
وَقِيلَ فِي جَوَابِهِ أَيْضًا إِنَّ الْوَعِيدَ إِذَا عُلِّقَ عَلَى أَمْرَيْنِ اقْتَضَى ذَلِكَ التَّوَعُّدَ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَمْرَيْنِ جُمْلَةً وَإِفْرَادًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} فَإِنَّهُ يَقْتَضِي لُحُوقَ الْمَأْثَمِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ جُمْلَةً، وَبِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَا نُسَلِّمُ ثُبُوتَ الْإِثْمِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ عَلَى انْفِرَادِهِ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مُسْتَفَادًا مِنَ الْأَدِلَّةِ الْخَاصَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى لُزُومِ الْمَأْثَمِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ بِخُصُوصِهِ.
وَلِهَذَا فَإِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَدُلَّ الدَّلِيلُ الْخَاصُّ عَلَى مُضَاعَفَةِ الْعَذَابِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ لَمْ تَكُنِ الْآيَةُ مُقْتَضِيَةً لِتُضَاعُفِ الْعَذَابِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِتَقْدِيرِ الِانْفِرَادِ إِجْمَاعًا، وَلَوْ كَانَتْ مُقْتَضِيَةً لِذَلِكَ لَكِنَّ نَفْيَ الْمُتَضَاعِفِ بِقَوْلِهِ: {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ.
وَلِهَذَا فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: " إِنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا وَعُمَرَ أَوْ إِنْ كَلَّمْتِ زَيْدًا، وَدَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ " فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِوُجُودِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَلَوْلَا أَنَّ الْحُكْمَ الْمُعَلَّقَ عَلَى أَمْرَيْنِ عَلَى الْعَدَمِ عِنْدَ عَدَمِ أَحَدِهِمَا لَكَانَ انْتِفَاءُ الْحُكْمِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَالْأَقْرَبُ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: لَا خِلَافَ فِي التَّوَعُّدِ عَلَى اتِّبَاعِ غَيْرِ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ

اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 204
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست