responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 198
[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ هل يمكن معرفة انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ وَالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ
الْمُتَّفِقُونَ عَلَى تَصَوُّرِ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ اخْتَلَفُوا فِي إِمْكَانِ مَعْرِفَتِهِ وَالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ فَأَثْبَتَهُ الْأَكْثَرُونَ أَيْضًا وَنَفَاهُ الْأَقَلُّونَ، وَمِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ.
وَلِهَذَا نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَنِ ادَّعَى وُجُودَ الْإِجْمَاعِ فَهُوَ كَاذِبٌ [1] اعْتِمَادًا مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ مَعْرِفَةَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى اعْتِقَادِ الْحُكْمِ الْوَاحِدِ مُتَوَقِّفٌ عَلَى سَمَاعِ الْإِخْبَارِ بِذَلِكَ مَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ أَوْ مُشَاهَدَةِ فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ مِنْهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ كُلُّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَذَلِكَ مَعَ كَثْرَتِهِمْ وَتَفَرُّقِهِمْ فِي الْبِلَادِ النَّائِيَةِ وَالْأَمَاكِنِ الْبَعِيدَةِ مُتَعَذِّرٌ عَادَةً.
وَبِتَقْدِيرِ الْمَعْرِفَةِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَمَعْرِفَةُ مُعْتَقَدِهِ إِنَّمَا تَكُونُ بِالْوُصُولِ إِلَيْهِ وَالِاجْتِمَاعِ بِهِ وَهُوَ أَيْضًا مُتَعَذِّرٌ [2] .
وَبِتَقْدِيرِ الِاجْتِمَاعِ بِهِ وَسَمَاعِ قَوْلِهِ وَرُؤْيَةِ فِعْلِهِ أَوْ تَرَكِهِ قَدْ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ الْيَقِينَ بِأَنَّهُ مُعْتَقَدُهُ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ إِخْبَارُهُ وَمَا يُشَاهِدُ مِنْ فِعْلِهِ أَوْ تَرْكِهِ عَلَى خِلَافِ مُعْتَقَدِهِ لِغَرَضٍ مِنَ الْأَغْرَاضِ [3] .
وَبِتَقْدِيرِ حُصُولِ الْعِلْمِ بِمُعْتَقَدِهِ، فَلَعَلَّهُ يَرْجِعُ عَنْهُ قَبْلَ الْوُصُولِ إِلَى الْبَاقِينَ وَحُصُولِ الْعِلْمِ بِمُعْتَقَدِهِمْ [4] ، وَمَعَ الِاخْتِلَافِ فَلَا إِجْمَاعَ.
وَطَرِيقُ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ أَنْ يُقَالَ: جَمِيعُ مَا ذَكَرْتُمُوهُ بَاطِلٌ بِالْوَاقِعِ، وَدَلِيلُ الْوُقُوعِ مَا عَلِمْنَاهُ عِلْمًا لَا مِرَاءَ فِيهِ مِنْ أَنَّ مَذْهَبَ جَمِيعِ الشَّافِعِيَّةِ امْتِنَاعُ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ، وَبُطْلَانُ النِّكَاحِ بِلَا وَلِيٍّ، وَأَنَّ مَذْهَبَ جَمِيعِ الْحَنَفِيَّةِ نَقِيضُ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ جَمِيعِ مَا ذَكَرُوهُ مِنَ التَّشْكِيكَاتِ وَالْوُقُوعُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ دَلِيلُ الْجَوَازِ الْعَادِي وَزِيَادَةٌ.

[1] قِيلَ: إِنَّهُ قَالَهَا عَلَى طَرِيقِ الْوَرَعِ، وَزَجْرًا عَنِ الْجُرْأَةِ عَلَى دَعْوَى الْإِجْمَاعِ دُونَ تَحَرٍّ، وَتَتَبُّعٍ لِأَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ، أَوْ قَالَ ذَلِكَ فِي حَقِّ مَنْ لَيْسَ لَهُ مَعْرِفَةٌ، أَوْ أَنَّهُ أَنْكَرَ إِجْمَاعَ مَنْ بَعْدَ الصَّحَابَةِ، أَوِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، أَوْ مِنْ بَعْدِ الْقُرُونِ الثَّلَاثَةِ الْمَحْمُودَةِ - انْظُرْ ص 315 - 316 مِنْ مُسَوَّدَةِ آلِ تَيْمِيَّةَ، طَبْعَةُ الْمَدَنِيِّ.
[2] قَدْ يُعْرَفُ مُعْتَقَدُهُ مِنْ تَأْلِيفِهِ، وَمِنْ طَرِيقِ تَلَامِيذِهِ فِي رَحَلَاتِهِمْ طَلَبًا لِلْعِلْمِ وَنَشْرِهِ، فَلَا يَتَعَذَّرُ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ.
[3] الْأَصْلُ أَنْ نَحْكُمَ بِالظَّاهِرِ، وَاللَّهُ يَتَوَلَّى السَّرَائِرَ، فَيَجِبُ الْوُقُوفُ عِنْدَ مَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ مُعْتَقَدِهِ، وَلَا يَلِيقُ بِنَا أَنْ نُسِيءَ بِهِ الظَّنَّ.
[4] الْأَصْلُ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ حَتَّى يَثْبُتَ الْنَّاقِلُ.
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 198
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست