responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 189
عَنْ ذَلِكَ الشَّخْصِ.
وَإِلَّا لَمَا سَاغَ السُّكُوتَ حَتَّى لَا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ عَنْهُ فَيَقَعَ فِي الْمَحْذُورِ، وَفِيهِ تَأْخِيرُ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ بِالْإِجْمَاعِ إِلَّا عَلَى رَأْيِ مَنْ يُجَوِّزُ التَّكْلِيفَ بِمَا لَا يُطَاقُ.
وَأَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَدْ سَبَقَ مِنْهُ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ وَلَا عَرَفَ تَحْرِيمَهُ، فَسُكُوتُهُ عَنْ فَاعِلِهِ وَتَقْرِيرُهُ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا سِيَّمَا إِنْ وُجِدَ مِنْهُ اسْتِبْشَارٌ وَثَنَاءٌ عَلَى الْفَاعِلِ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ وَرَفْعِ الْحَرَجِ عَنْهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ جَائِزًا لَكَانَ تَقْرِيرُهُ لَهُ عَلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى إِنْكَارِهِ، وَكَانَ اسْتِبْشَارُهُ وَثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ حَرَامًا عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ.
وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مِنَ الصَّغَائِرِ الْجَائِزَةِ عَلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عِنْدَ قَوْمٍ إِلَّا أَنَّهُ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ لَا سِيَّمَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِبَيَانِ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْإِنْكَارُ هُوَ الْغَالِبُ، فَحَيْثُ لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ مِنْهُ دَلَّ عَلَى الْجَوَازِ غَالِبًا.
فَإِنْ قِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ: إِمَّا لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ التَّحْرِيمُ فَلَمْ يَكُنِ الْفِعْلُ عَلَيْهِ حَرَامًا إِذْ ذَاكَ أَوْ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ بُلُوغَ التَّحْرِيمِ إِلَيْهِ، وَلَمْ يَرْجِعْ فِيهِ وَأَصَرَّ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ أَوْ لِأَنَّهُ مَنَعَهُ مَانِعٌ مِنَ الْإِنْكَارِ.
قُلْنَا: عَدَمُ بُلُوغِ التَّحْرِيمِ إِلَيْهِ غَيْرُ مَانِعٍ مِنَ الْإِنْكَارِ، وَالْإِعْلَامُ بِأَنَّ ذَلِكَ الْفِعْلِ حَرَامٌ بَلِ الْإِعْلَامُ بِالتَّحْرِيمِ وَاجِبٌ، حَتَّى لَا يَعُودَ إِلَيْهِ ثَانِيًا وَإِلَّا كَانَ السُّكُوتُ مِمَّا يُوهِمُ: إِمَّا عَدَمَ دُخُولِهِ فِي عُمُومِ التَّحْرِيمِ أَوِ النَّسْخَ، وَأَمَّا إِذَا عَلِمَ ذَلِكَ الشَّخْصُ التَّحْرِيمَ وَأَصَرَّ عَلَى فِعْلِهِ مَعَ كَوْنِهِ مُسْلِمًا مُتَّبِعًا لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَجْدِيدِ الْإِنْكَارِ حَتَّى لَا يُتَوَهَّمَ نَسْخُهُ.
وَلَا يَلْزَمُ عَلَى هَذَا تَجْدِيدُ الْإِنْكَارِ عَلَى اخْتِلَافِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِلَى كَنَائِسِهِمْ إِذْ هُمْ غَيْرُ مُتَّبِعِينَ لَهُ، وَلَا يَعْتَقِدُونَ تَحْرِيمَ ذَلِكَ حَتَّى يُقَالَ: يُتَوَهَّمُ نَسْخُ ذَلِكَ بِسُكُوتِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَنِ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِمْ.
وَمَا ذَكَرُوهُ مِنَ احْتِمَالِ الْمَانِعِ، وَإِنْ كَانَ قَائِمًا عَقْلًا غَيْرَ أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَهُوَ فِي غَايَةِ الْبُعْدِ وَلَا سِيَّمَا بَعْدَ ظُهُورِ شَوْكَتِهِ وَاسْتِيلَائِهِ وَقَهْرِهِ لِمَنْ سِوَاهُ.

اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 189
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست