responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 187
وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ فَهُوَ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا مُجْمِعِينَ عَلَى الرُّجُوعِ إِلَى أَفْعَالِهِ كَرُجُوعِهِمْ إِلَى تَزْوِيجِهِ لِمَيْمُونَةَ، وَهُوَ حَرَامٌ وَفِي تَقْبِيلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِلْحَجَرِ الْأَسْوَدِ وَجَوَازِ تَقْبِيلِهِ وَهُوَ صَائِمٌ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْوَقَائِعِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي لَا تُحْصَى.
فَإِنْ قِيلَ: أَمَّا الْآيَةُ الْأُوْلَى وَإِنْ دَلَّتْ عَلَى التَّأَسِّي بِهِ وَالْمُتَابَعَةِ فِي التَّزْوِيجِ مِنْ أَزْوَاجِ الْأَدْعِيَاءِ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا، فَلَيْسَ فِيهَا مَا يَدُلُّ عَلَى التَّأَسِّي وَالْمُتَابَعَةِ فِي كُلِّ فِعْلٍ.
وَأَمَّا الْأَخِيرَتَانِ فَلَا نُسَلِّمُ عُمُومَ دَلَالَتِهَا عَلَى الْمُتَابَعَةِ وَالتَّأَسِّي فِي كُلِّ شَيْءٍ إِذْ لَا عُمُومَ لَهُمَا فِي ذَلِكَ.
وَلِهَذَا فَإِنَّهُ يَحْسُنُ أَنْ يُقَالَ: (لَكَ فِي فُلَانٍ أُسْوَةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ) ، وَيُقَالُ: (لَكَ فِي فُلَانٍ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي هَذَا الشَّيْءِ دُونَ غَيْرِهِ) ، وَلَوْ كَانَ لَفْظُ (الْأُسْوَةِ) عَامًّا فِي كُلِّ شَيْءٍ لَكَانَ قَوْلُهُ: (فِي كُلِّ شَيْءٍ) تَكْرَارًا، وَقَوْلُهُ: (فِي هَذَا الشَّيْءِ دُونَ غَيْرِهِ) مُنَاقَضَةً بَلْ غَايَتُهَا الدَّلَالَةُ عَلَى الْمُتَابَعَةِ وَالتَّأَسِّي فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ.
وَنَحْنُ قَائِلُونَ بِذَلِكَ فِي اتِّبَاعِ أَقْوَالِهِ وَالتَّأَسِّي بِمَا دَلَّ الدَّلِيلُ الْقَوْلِيُّ عَلَى التَّأَسِّي بِهِ فِي أَفْعَالِهِ، كَقَوْلِهِ: " «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» "، وَ " «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» " وَنَحْوِهِ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنَ الْإِجْمَاعِ، فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ مُسْتَنَدَهُمْ فِيمَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ بِالتَّأَسِّي بِالنَّبِيِّ فِي فِعْلِهِ وَإِنَّمَا كَانَ مُسْتَنَدُهُمْ فِي ذَلِكَ غَيْرَهُ، أَمَّا فِيمَا كَانَ مُبَاحًا فَالْبَقَاءُ عَلَى الْأَصْلِ، أَمَّا فِيمَا كَانَ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا فَالْأَقْوَالُ الدَّالَّةُ عَلَى ذَلِكَ.
وَالْجَوَابُ عَنِ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْآيَةِ الْأُولَى: أَنَّ الْآيَةَ لَيْسَ فِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى خُصُوصِ مُتَابَعَةِ الْمُؤْمِنِينَ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي ذَلِكَ، وَلَوْلَا أَنَّ التَّأَسِّيَ بِالنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ لَازِمٌ لَمَا فَهِمَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ إِبَاحَةِ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِبَاحَةَ ذَلِكَ لَهُمْ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ فَهْمَ الْإِبَاحَةِ إِنَّمَا كَانَ مُسْتَنِدًا إِلَى الْإِبَاحَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَإِلَّا لَمَا كَانَ لِتَعْلِيلِ تَزْوِيجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِنَفْيِ الْحَرَجِ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ مَعْنًى لِكَوْنِهِ مَدْفُوعًا بِغَيْرِهِ.
وَعَنِ الِاعْتِرَاضِ الثَّانِي عَلَى الْآيَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ، أَنَّ مَقْصُودَهُمَا إِنَّمَا هُوَ بَيَانُ كَوْنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُسْوَةً لَنَا وَمُتَّبَعًا، إِظْهَارًا لِشَرَفِهِ وَإِبَانَةً لِخَطَرِهِ، وَذَلِكَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ.
فَإِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ فَإِمَّا أَنْ

اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 187
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست