responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 145
وَدَلِيلُ الْجَوَازِ الْعَقْلِيِّ أَنَّهُ لَوْ خَاطَبَ الشَّارِعُ الْكَافِرَ الْمُتَمَكِّنَ مِنْ فَهْمِ الْخِطَابِ وَقَالَ لَهُ: " أَوْجَبْتُ عَلَيْكَ الْعِبَادَاتِ الْخَمْسَ الْمَشْرُوطَ صِحَّتُهَا بِالْإِيمَانِ، وَأَوْجَبْتُ عَلَيْكَ الْإِتْيَانَ بِالْإِيمَانِ مُقَدَّمًا عَلَيْهَا " لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ لِذَاتِهِ مُحَالٌ عَقْلًا وَلَا مَعْنَى لِلْجَوَازِ الْعَقْلِيِّ سِوَى هَذَا.
فَإِنْ قِيلَ: التَّكْلِيفُ بِالْفُرُوعِ الْمَشْرُوطَةِ بِالْإِيمَانِ إِمَّا أَنْ تَكُونَ حَالَةَ وُجُودِ الْإِيمَانِ أَوْ حَالَةَ عَدَمِهِ.
فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَلَا تَكْلِيفَ قَبْلَ الْإِيمَانِ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
وَإِنْ كَانَ حَالَةَ عَدَمِهِ فَهُوَ تَكْلِيفٌ بِمَا هُوَ غَيْرُ جَائِزٍ عَقْلًا.
وَأَيْضًا فَإِنَّ التَّكْلِيفَ بِالْفُرُوعِ غَيْرُ مُمْكِنِ الِامْتِثَالِ؛ لِاسْتِحَالَةِ أَدَائِهَا حَالَةَ الْكُفْرِ، وَامْتِنَاعِ أَدَائِهَا بَعْدَ الْإِيمَانِ، لِكَوْنِهِ مُسْقِطًا لَهَا بِالْإِجْمَاعِ.
وَمَا لَا يُمْكِنُ امْتِثَالُهُ فَالتَّكْلِيفُ بِهِ تَكْلِيفٌ بِمَا لَا يُطَاقُ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ قَائِلٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
قُلْنَا: أَمَّا الْإِشْكَالُ الْأَوَّلُ فَإِنَّمَا يَلْزَمُ مِنْهُ التَّكْلِيفُ بِمَا لَا يُطَاقُ بِتَقْدِيرِ تَكْلِيفِهِ بِالْفُرُوعِ حَالَةَ الْكُفْرِ أَنْ لَوْ كَانَ تَكْلِيفُهُ بِمَعْنَى إِلْزَامِهِ الْإِتْيَانَ بِهَا مَعَ الْكُفْرِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ أَصَرَّ عَلَى الْكُفْرِ حَتَّى مَاتَ وَلَمْ يَأْتِ بِهَا مَعَ الْإِيمَانِ فَإِنَّهُ يُعَاقَبُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَلَا إِحَالَةَ فِيهِ.
وَبِهَذَا الْحَرْفِ يَنْدَفِعُ مَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْإِشْكَالِ الثَّانِي أَيْضًا.
كَيْفَ وَأَنَّ الِامْتِثَالَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ أَنَّ الشَّارِعَ أَسْقَطَهُ تَرْغِيبًا فِي الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «الْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ» " وَهَذَا بِخِلَافِ الْمُرْتَدِّ، حَيْثُ إِنَّهُ أَوْجَبَ عَلَيْهِ فِعْلَ مَا فَاتَهُ فِي حَالِ رِدَّتِهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ مَانِعًا مِنَ الرِّدَّةِ [1] .
وَأَمَّا الْوُقُوعُ شَرْعًا فَيَدُلُّ عَلَيْهِ النَّصُّ وَالْحُكْمُ.
أَمَّا النَّصُّ فَمِنْ وُجُوهٍ الْأَوَّلُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ} وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: (وَمَا أُمِرُوا) عَائِدٌ إِلَى الْمَذْكُورِينَ أَوَّلًا وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْبَابِ.

[1] أَيْ: أَوْجَبَ عَلَيْهِ فِي حَالِ رِدَّتِهِ أَنْ يَفْعَلَ بَعْدَ الْعَوْدَةِ لِلْإِسْلَامِ مَا فَاتَهُ زَمَنَ الرِّدَّةِ.
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : الآمدي، أبو الحسن    الجزء : 1  صفحة : 145
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست