responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 399
المسألة الموفية للثلاثون: في بِنَاءُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ
...
الْمَسْأَلَةُ الْمُوفِيَةُ ثَلَاثِينَ: فِي بِنَاءِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ
قَدْ تَقَدَّمَ مَا يَجُوزُ التَّخْصِيصُ بِهِ وَمَا لَا يَجُوزُ، فَإِذَا كَانَ الْعَامُّ الْوَارِدُ مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ، قَدْ وَرَدَ مَعَهُ خَاصٌّ يَقْتَضِي إِخْرَاجَ بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ مِنَ الْحُكْمِ الَّذِي حَكَمَ بِهِ عَلَيْهَا، فَإِمَّا أَنْ يُعْلَمَ تَارِيخُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ لَا يُعْلَمَ، فَإِنْ عُلِمَ فإن كان المتأخر الخاص فإما أن يَتَأَخَّرَ عَنْ وَقْتِ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ أَوْ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ، فَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ وَقْتِ الْعَمَلِ بالعام فههنا يَكُونُ الْخَاصُّ نَاسِخًا لِذَلِكَ الْقَدْرِ الَّذِي تَنَاوَلَهُ مِنْ أَفْرَادِ الْعَامِّ.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي "الْبَحْرِ": وِفَاقًا، وَلَا يَكُونُ تَخْصِيصًا لِأَنَّ تَأْخِيرَ بَيَانِهِ عَنْ وَقْتِ الْعَمَلِ غَيْرُ جَائِزٍ قَطْعًا.
وَإِنَّ تَأَخَّرَ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ بِالْعَامِّ دُونَ وَقْتِ الْعَمَلِ بِهِ، فَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ مَبْنِيٌّ عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ، فَمَنْ جَوَّزَهُ جَعَلَ الْخَاصَّ بَيَانًا لِلْعَامِّ، وَقَضَى بِهِ عَلَيْهِ، وَمَنْ مَنَعَهُ حَكَمَ بِنَسْخِ الْعَامِّ فِي الْقَدْرِ الَّذِي عَارَضَهُ فِيهِ الْخَاصُّ، كَذَا قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ، وَسُلَيْمٌ الرَّازِيُّ، قَالَ: وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ يَخْتَصُّ بِهَا، وَإِنَّمَا يَعُودُ الْكَلَامُ فِيهَا إِلَى جَوَازِ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ، وَكَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ فِي "اللَّمْعِ" وَابْنُ الصَّبَّاغِ فِي "الْعُدَّةِ".
قَالَ الصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ: مَنْ لَمْ يُجَوِّزْ تَأْخِيرَ بَيَانِ التَّخْصِيصِ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ وَلِمَ يُجَوِّزْ نَسْخَ الشَّيْءِ قَبْلَ حُضُورِ وَقْتِ الْعَمَلِ بِهِ كَالْمُعْتَزِلَةِ، أَحَالَ الْمَسْأَلَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَهُمَا، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ، فَالَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ، أَنَّ الْخَاصَّ مُخَصَّصٌ لِلْعَامِّ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ نَاسِخًا لِذَلِكَ الْقَدْرِ مِنَ الْعَامِّ، لَكِنَّ التَّخْصِيصَ أَقَلُّ مَفْسَدَةً مِنَ النَّسْخِ، وَقَدْ أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَيْهِ فَتَعَّيَنَ.
وَنُقِلَ عَنْ مُعْظَمِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ الْخَاصَّ إِذَا تَأَخَّرَ عَنِ الْعَامِّ، وَتَخَلَّلَ بَيْنَهُمَا مَا يُمَكِّنُ الْمُكَلَّفَ بِهِمَا مِنَ الْعَمَلِ أَوِ الِاعْتِقَادِ بِمُقْتَضَى الْعَامِّ، كَانَ الْخَاصُّ نَاسِخًا لِذَلِكَ الْقَدْرِ الَّذِي تَنَاوَلَهُ مِنَ الْعَامِّ؛ لِأَنَّهُمَا دَلِيلَانِ، وَبَيْنَ حُكْمَيْهِمَا تنافٍ، فَيُجْعَلُ الْمُتَأَخِّرُ نَاسِخًا لِلْمُتَقَدِّمِ "عِنْدَ"* الْإِمْكَانِ، دَفْعًا لِلتَّنَاقُضِ، قَالَ: وَهُوَ ضَعِيفٌ. انْتَهَى.
فَإِنْ تَأَخَّرَ الْعَامُّ عَنْ وَقْتِ الْعَمَلِ بِالْخَاصِّ، فَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: يُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ مَا تَنَاوَلَهُ الْخَاصُّ مُتَيَقَّنٌ، وَمَا تَنَاوَلَهُ الْعَامُّ ظَاهِرٌ مَظْنُونٌ، وَالْمُتَيَقَّنُ أَوْلَى.

* في "أ": من.
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 399
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست