responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 400
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ وَالْقَاضِي عَبْدُ الْجَبَّارِ، إِلَى أَنَّ الْعَامَّ الْمُتَأَخِّرَ نَاسِخٌ لِلْخَاصِّ الْمُتَقَدِّمِ.
وَذَهَبَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ إِلَى الْوَقْفِ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الرَّازِيُّ: إِذَا تَأَخَّرَ الْعَامُّ كَانَ نَاسِخًا لِمَا تَضَمَّنَهُ الْخَاصُّ مَا لَمْ يَقُمْ لَهُ دَلَالَةٌ مِنْ غَيْرِهِ عَلَى أَنَّ الْعُمُومَ مُرَتَّبٌ عَلَى الْخُصُوصِ. انْتَهَى.
وَالْحَقُّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْبِنَاءُ.
وَإِنَّ تَأَخَّرَ الْعَامُّ عَنْ وَقْتِ الْخِطَابِ بِالْخَاصِّ، لَكِنَّهُ قَبْلَ وَقْتِ الْعَمَلِ بِهِ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ الَّذِي قَبْلَهُ فِي الْبِنَاءِ وَالنَّسْخِ؛ إِلَّا عَلَى رَأْيِ مَنْ لَمْ يُجَوِّزْ مِنْهُمْ نَسْخَ الشَّيْءِ قَبْلَ حُضُورِ وَقْتِ الْعَمَلِ بِهِ، كَالْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ، فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْحَمْلُ عَلَى النَّسْخِ، فَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْبِنَاءُ أَوِ التَّعَارُضُ فِيمَا تَنَافَيَا فِيهِ. وَجَعَلَ إِلْكِيَا الطَّبَرِيُّ الْخِلَافَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَبْنِيًّا عَلَى تَأْخِيرِ الْبَيَانِ فَقَالَ: مَنْ لَمْ يُجَوِّزْ تَأْخِيرَهُ عَنْ مَوْرِدِ اللَّفْظِ جَعَلَهُ نَاسِخًا لِلْخَاصِّ.
"هَذِهِ"* الْأَرْبَعُ الصُّوَرُ إِذَا كَانَ تَارِيخُهُمَا مَعْلُومًا، فَإِنْ جُهِلَ تَارِيخُهُمَا، فَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ وَالْحَنَابِلَةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ وَالْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ أَنَّهُ يُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ.
وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ إِلَى التَّوَقُّفِ إِلَى ظُهُورِ التَّارِيخِ، أَوْ إِلَى مَا يُرَجِّحُ أَحَدَهُمَا، عَلَى الْآخَرِ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَحُكِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنِ الْقَاضِي أَبِي بَكْرِ الْبَاقِلَّانِيِّ وَالدَّقَّاقِ.
وَالْحَقُّ الَّذِي لَا يَنْبَغِي الْعُدُولُ عَنْهُ: فِي صُورَةِ الْجَهْلِ الْبِنَاءُ، وَلَيْسَ عَنْهُ مَانِعٌ يَصْلُحُ لِلتَّشَبُّثِ بِهِ، وَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ مَا أَمْكَنَ هُوَ الْوَاجِبُ، وَلَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ مَعَ الْجَهْلِ إِلَّا بِالْبِنَاءِ، وَمَا عَلَّلَ بِهِ الْمَانِعُونَ فِي الصُّوَرِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ غَيْرُ مَوْجُودٍ هُنَا، وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ الْخَاصَّ أَقْوَى دَلَالَةً مِنَ الْعَامِّ، وَالْأَقْوَى أَرْجَحُ، وَأَيْضًا إِجْرَاءُ الْعَامِّ عَلَى عُمُومِهِ إِهْمَالٌ لِلْخَاصِّ، وَإِعْمَالُ الْخَاصِّ لَا يُوجِبُ إِهْمَالَ الْعَامِّ.
وَأَيْضًا قَدْ نَقَلَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْبِنَاءِ مَعَ جَهْلِ التَّارِيخِ.
وَالْحَاصِلُ: أَنَّ الْبِنَاءَ هُوَ الرَّاجِحُ عَلَى جَمِيعِ التَّقَادِيرِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
وَمَا احْتَجَّ بِهِ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْعَامَّ الْمُتَأَخِّرَ نَاسِخٌ مِنْ قَوْلِهِمْ دَلِيلَانِ تَعَارَضَا، وَعُلِمَ التَّارِيخُ بَيْنَهُمَا، فَوَجَبَ تَسْلِيطُ الْمُتَأَخِّرِ عَلَى السَّابِقِ، كَمَا لَوْ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ خَاصًّا، فَيُجَابُ عَنْهُ بِأَنَّ الْعَامَّ الْمُتَأَخِّرَ ضَعِيفُ الدَّلَالَةِ، فَلَا يُنْتَهَضُ لِتَرْجِيحِهِ عَلَى قَوِيِّ الدَّلَالَةِ.

* في "أ": وهذه.
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 400
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست