responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 368
لِأَنَّ تَأْسِيسَ الِاسْتِثْنَاءِ عَلَى تَدَارُكِ قَلِيلٍ مِنْ كَثِيرٍ، أَغْفَلْتَهُ أَوْ نَسِيتَهُ لِقِلَّتِهِ، ثُمَّ تَدَارَكْتَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ كَلَامِ الزَّجَّاجِ.
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: إِنَّهُ مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ مِنَ النُّحَاةِ، وَأَجَازَهُ أَكْثَرُ أَهْلِ الْكُوفَةِ مِنْهُمْ، وَأَجَازَهُ أَكْثَرُ الْأُصُولِيِّينَ: نَحْوَ: عِنْدِي لَهُ عَشَرَةٌ إِلَّا تِسْعَةٌ، فَيَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ، وَهُوَ قَوْلُ السِّيرَافِيِّ وَأَبِي عُبَيْدَةَ مِنَ النُّحَاةِ مُحْتَجِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِين} [1] وَالْمُتَّبِعُونَ لَهُ هُمُ الْأَكْثَرُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُور} [2] وقوله تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِين} [3].
وَمِنْ ذَلِكَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ: "يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلَّا مَنْ أَطْعَمْتُهُ فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ يَا عِبَادِي كُلُّكُمْ عَارٍ إِلَّا مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ" [4] وَقَدْ أَطْعَمَ سُبْحَانَهُ وَكَسَا الْأَكْثَرُ مِنْ عِبَادِهِ بِلَا شَكٍّ.
وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ هَذَا الدَّلِيلِ: بِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ وَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ.
وَمِنْ جُمْلَةِ الْمَانِعِينَ مِنَ اسْتِثْنَاءِ الْأَكْثَرِ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ، وَابْنُ دُرُسْتَوَيْهِ[5] مِنَ النُّحَاةِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ.
وَالْحَقُّ: أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِلْمَنْعِ، لَا مِنْ جِهَةِ اللُّغَةِ، وَلَا مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ، وَلَا مِنْ جِهَةِ الْعَقْلِ.
وَأَمَّا جَوَازُ اسْتِثْنَاءِ الْمُسَاوِي فَبِالْأَوْلَى، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْجُمْهُورُ، وَهُوَ وَاقِعٌ فِي اللُّغَةِ، وَفِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ نَحْوَ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا، نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا} [6].
وَقَدْ نَقَلَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ الطَّبَرِيُّ، وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ، وَالْمَازِرِيُّ، وَالْآمِدِيُّ عَنِ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْمُسَاوِي وَلَا وَجْهَ لذلك.

[1] جزء من الآية "42" من سورة الحجر.
[2] جزء من الآية "13" من سورة سبأ.
[3] جزء من الآية "103" من سورة يوسف.
[4] حديث قدسي أخرجه مسلم من حديث أبي ذر ولم أهتد إلى رواية بكر مطولًا في كتاب البر والصلة باب تحريم الظلم "2577". وابن ماجه: في كتاب الزهد باب ذكر التوبة "4257" والترمذي في صفة القيامة بباب رقمه "48"، رقم الحديث "2495". والحاكم في المستدرك كتاب، التوبة والإنابة، "4/ 241". وعبد الرزاق في المصنف "20272". وابن حبان في صحيحه "619".
[5] هو عبد الله بن جعفر درستويه، أبو محمد الفارسي، النحوي، تلميذ المبرد، المولود سن ثمانٍ وخمسين ومائتين هـ، برع في العربية، ورزق الإسناد العالي، وكان ثقة، توفي سنة سبع وأربعين وثلاثمائة هـ، من آثاره: "كتاب الإرشاد في النحو، شرح الفصيح وغريب الحديث". ا. هـ. سير أعلام النبلاء "15/ 531". شذرات الذهب "2/ 375".
[6] الآيتان "2-3" من سورة المزمل.
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 368
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست