responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 298
وَإِذَا عَرَفْتَ هَذَا فِي مَعْنَى كُلٌّ فَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ لَفْظَ جَمِيعٌ هُوَ بِمَعْنَى كُلٌّ الْإِفْرَادِيِّ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: أَنَّهَا لِلْعُمُومِ الْإِحَاطِيِّ، وقيل: يفترقان من جهة كون دلالة على كل فَرْدٍ بِطْرِيقِ النُّصُوصِيَّةِ بِخِلَافِ جَمِيعٌ.
وَفَرَّقَتِ الْحَنَفِيَّةُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ كُلٌّ تَعُمُّ الْأَشْيَاءَ عَلَى سَبِيلِ الانفراد، وجميع تَعُمُّهَا عَلَى سَبِيلِ الِاجْتِمَاعِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ الزَّجَّاجَ[1] حَكَى هَذَا الْفَرْقَ عَنِ الْمُبَرِّدِ[2].
الْفَرْعُ الرَّابِعُ:
لَفْظُ أَيُّ فَإِنَّهَا مِنْ جُمْلَةِ صِيَغِ العموم، إذا كانت شريطة أَوِ اسْتِفْهَامِيَّةً، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنى} [3] وقوله تعالى: {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا} [4]؛ وَقَدْ ذَكَرَهَا فِي صِيَغِ الْعُمُومِ الْأُسْتَاذُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ وَالشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ الشِّيرَازِيُّ، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ الْجُوَيْنِيُّ، وَابْنُ الصَّبَّاغِ، وَسُلَيْمٌ الرَّازِيُّ، وَالْقَاضِيَانِ أَبُو بَكْرٍ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ وَالرَّازِيُّ وَالْآمِدِيُّ وَالصَّفِيُّ الْهِنْدِيُّ وَغَيْرُهُمْ، قَالُوا: وَتَصْلُحُ لِلْعَاقِلِ وَغَيْرِهِ.
قَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي "التَّخْلِيصِ"[5]: إِلَّا أَنَّهَا تتناول على جهة الانفراد دُونَ الِاسْتِغْرَاقِ، وَلِهَذَا إِذَا قُلْتَ: أَيُّ الرَّجُلَيْنِ عِنْدَكَ، لَمْ يُجِبْ إِلَّا بِذِكْرِ وَاحِدٍ. قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ فِي "الْقَوَاطِعِ"[6]: وَأَمَّا كَلِمَةُ أَيُّ فَقِيلَ: كَالنَّكِرَةِ لِأَنَّهَا تَصْحَبُهَا لَفْظًا وَمَعْنًى، تَقُولُ: أَيُّ رَجُلٍ فَعَلَ هَذَا وَأَيَّ دَارٍ دَخَلَ؟ قال الله تعالى: {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا} وَهِيَ فِي الْمَعْنَى نَكِرَةٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ. انْتَهَى.
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فِي "الْبَحْرِ": وَحَاصِلُ كَلَامِهِمْ: أَنَّهَا لِلِاسْتِغْرَاقِ الْبَدَلِيِّ لَا الشُّمُولِيِّ، لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهَا للعموم والشمولي، وَتَوَسَّعَ الْقَرَافِيُّ فَعَدَّى عُمُومَهَا إِلَى الْمَوْصُولَةِ وَالْمَوْصُوفَةِ فِي النِّدَاءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُعَدِّهِ كَالْغَزَالِيِّ وَابْنِ الْقُشَيْرِيِّ لِأَجْلِ قَوْلِ النُّحَاةِ: إِنَّهَا بِمَعْنَى بَعْضُ إِذَا أُضِيفَتْ إِلَى مَعْرِفَةٍ، وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ أَيَّ وَقْتٍ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ لَا يتكرر

[1] هو إبراهيم بن السيري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج، عالم بالنحو واللغة كان في فتوته يخرط الزجاج، مال إلى النحو فعلمه المبرد، توفي سنة إحدى عشرة وثلاثمائة، من آثاره: "معاني القرآن" "الاشتقاق" "الأمالي" في الأدب واللغة. ا. هـ. الأعلام "1/ 40"، سير أعلام النبلاء "14/ 360"، معجم المؤلفين "1/ 33"، شذرات الذهب "2/ 259".
[2] هو محمد بن يزيد، أبو العباس، إمام النحو، البصري، النحوي، الأخباري، أخذ عن المازني والسجستاني، من آثاره: "الكامل في الأدب"، توفي سنة ست وثمانين ومائتين. ا. هـ. سير أعلام النبلاء "13/ 576"، شذرات الذهب "2/ 190".
[3] جزء من الآية "110" من سورة الإسراء.
[4] جزء من الآية "38" من سورة النمل.
[5] هو "التخليص في أصول الفقه"، انظر شجرة النور الزكية لمحمد مخلوف، ترجمة رقم "266".
[6] واسمه: "القواطع في اصول الفقه"، لأبي المظفر، منصور بن محمد، السمعاني، المتوفى سنة تسع وثمانين وأربعمائة. ا. هـ. كشف الظنون "2/ 1357".
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 298
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست