responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 293
اثْنَانِ، أَوْ ثَلَاثَةٌ، عَلَى الْخِلَافِ فِي أَقَلِّ الْجَمْعِ، وَلَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ إِلَّا بِقَرِينَةٍ.
قَالَ الْقَاضِي فِي "التَّقْرِيبِ"، وَالْإِمَامُ فِي "الْبُرْهَانِ": يَزْعُمُونَ أَنَّ الصِّيَغَ الْمَوْضُوعَةَ لِلْجَمْعِ نُصُوصٌ فِي الْجَمْعِ مُحْتَمِلَاتٌ فِيمَا عَدَاهُ إِذَا لَمْ تَثْبُتْ قَرِينَةٌ تقتضي تعديها على أَقَلِّ الْمَرَاتِبِ. انْتَهَى.
وَلَا يَخْفَاكَ أَنَّ قَوْلَهُمْ مَوْضُوعٌ لِلْخُصُوصِ مُجَرَّدُ دَعْوَى لَيْسَ عَلَيْهَا دَلِيلٌ، وَالْحُجَّةُ قَائِمَةٌ عَلَيْهِمْ لُغَةً وَشَرْعًا وَعُرْفًا، وَكُلُّ مَنْ يَفْهَمُ لُغَةَ الْعَرَبِ وَاسْتِعْمَالَاتِ الشَّرْعِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ هَذَا.
وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُرْجِئَةِ[1]: إِنَّ شَيْئًا مِنَ الصِّيَغِ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ بِذَاتِهِ، وَلَا مَعَ الْقَرَائِنِ، بَلْ إِنَّمَا يَكُونُ الْعُمُومُ عِنْدَ إِرَادَةِ الْمُتَكَلِّمِ، وَنُسِبَ هَذَا إِلَى أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ.
قَالَ فِي "الْبُرْهَانِ": نَقَلَ مصنفوا الْمَقَامَاتِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَالْوَاقِفِيَّةِ[2] أَنَّهُمْ لَا يُثْبِتُونَ لِمَعْنَى الْعُمُومِ صِيغَةً لَفْظِيَّةً، وَهَذَا النَّقْلُ عَلَى الْإِطْلَاقِ زَلَلٌ، فَإِنَّ أَحَدًا لَا يُنْكِرُ إِمْكَانَ التَّعْبِيرِ عَنْ مَعْنَى الْجَمْعِ بِتَرْدِيدِ أَلْفَاظٍ تُشْعِرُ بِهِ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ: رَأَيْتُ الْقَوْمَ وَاحِدًا وَاحِدًا، لَمْ يَفُتْنِي مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَإِنَّمَا كَرَّرَ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ لِقَطْعِ تَوَهُّمِ مَنْ يَحْسَبُهُ خُصُوصًا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَنْكَرَ الْوَاقِفِيَّةُ لَفْظَةً وَاحِدَةً مُشْعِرَةً بِمَعْنَى الْجَمْعِ. انْتَهَى.
وَلَا يَخْفَاكَ: أَنَّ هَذَا الْمَذْهَبَ مَدْفُوعٌ بِمِثْلِ مَا دُفِعَ بِهِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَبِزِيَادَةٍ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّ إِهْمَالَ الْقَرَائِنِ الْمُقْتَضِيَةِ لِكَوْنِهِ عَامًّا شَامِلًا عِنَادٌ وَمُكَابَرَةٌ.
وَقَالَ قَوْمٌ بِالْوَقْفِ، وَنَقَلَهُ الْقَاضِي فِي "التَّقْرِيبِ" عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ وَمُعْظَمِ الْمُحَقِّقِينَ وَذَهَبَ إِلَيْهِ.
وَاحْتَجُّوا بِأَنَّهُمْ سَبَرُوا اللُّغَةَ وَوَضْعَهَا، فَلَمْ يَجِدُوا فِي وَضْعِ اللُّغَةِ صِيغَةً دَالَّةً عَلَى الْعُمُومِ، "سَوَاءٌ وَرَدَتْ مُطْلَقَةً أَوْ مُقَيَّدَةً"* بِالْقَرَائِنِ فَإِنَّهَا لَا تُشْعِرُ بِالْجَمْعِ، بَلْ تَبْقَى عَلَى التَّرَدُّدِ، هَذَا وَإِنْ صَحَّ النَّقْلُ فِيهِ فَهُوَ مَخْصُوصٌ عِنْدِي بِالتَّوَابِعِ الْمُؤَكِّدَةِ لمعنى الجمع، كقول القائل: رأيت القوم

* في "أ": زيادة وهي: مقيدة بضروب من التأكد قال في البرهان ومما زال فيه الناقلون عن أبي الحسن ومتبعيه أن الصيغة وإن تقيدت بالقرائن فإنها ... إلخ.

[1] وهم القائلون لا تضر مع الإيمان معصية، كما لا تنفع مع الكفر طاعة، وهم فرق متعددة، وأول من قال بالإرجاء هو: غيلان الدمشقي، والإرجاء: هو تأخير حكم صاحب الكبيرة إلى يوم القيامة، فلا يقضى عليه بحكم ما في الدنيا، من كونه من أهل الجنة أو من أهل النار. ا. هـ. الملل والنحل "1/ 139".
[2] هم أصحاب مذهب الوقف القائل بعدم الحكم بشيء مما قيل في الحقيقة: في العموم والخصوص أو الاشتراك. "انظر الإحكام في أصول الأحكام" للآمدي 2/ 222".
اسم الکتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول المؤلف : الشوكاني    الجزء : 1  صفحة : 293
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست