اسم الکتاب : موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين المؤلف : الدريس، خالد الجزء : 1 صفحة : 352
دليل ذلك أن مسلمًا قال: (ومحمد بن علي لا يعلم له سماع من ابن عباس، ولا أنه لقيه أو رآه) [1] .
ومحمد هو محمد بن علي بن عبد الله حفيد عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ولد سنة ثمان وخمسين، وقيل سنة ستين [2] . أي قبل موت جده بثمان أو عشر سنوات.
والسبب الذي حمل مسلمًا على أن يقول: (لا يعلم له سماع من ابن عباس، ولا أنه لقيه أو رآه) هو أن محمد بن علي يروي عن أبيه عن عبد الله بن عباس كما في صحيح مسلم [3] ، ولم يرد ما يثبت أن محمدًا سمع أو لقي جده عبد الله بن عباس، فدل ذلك على أن حديثه عن جده منقطع مع وجود ما يدل على تحقق المعاصرة. إذ لو كان محمد سمع من جده عبد الله بن عباس لما احتاج أن يذكر أباه، ويبعد احتمال أن يكون سمع من ابن عباس، لأنه لا يثبت له سماع منه.
ويدل صنيع مسلم على أنه إذا وجدت واسطة في السند بين المنعنعن والمعنعن عنه كان ذلك قرينة قوية على عدم السماع. فلابد لقبول الخبر من ثبوت السماع أو اللقاء بينهما.
وعدم التنبه لهذه القضية وأثرها في عدم الاكتفاء بالمعاصرة أوقع بعض العلماء الأفاضل في خطأ. كما وقع من ابن دقيق العيد - رحمه الله - عندما علق على قول الإمام أحمد وغيره: عراك بن مالك لم يسمع من عائشة بقوله: (قد ذكروا سماعه من أبي هريرة ولم ينكروه، وأبوهريرة توفي هو وعائشة في سنة واحدة، فلا يبعد سماعه من عائشة مع كونهما في بلد واحدة) [4] .
ولا يستقيم الاحتجاج بالمعاصرة هنا لأن عراك بن مالك لم يثبت لقيه لعائشة رضي الله عنها، ولأنه جاء في بعض الطرق إدخال واسطة بينهما لذا قال الإمام [1] التمييز (ص215) . [2] تاريخ دمشق لابن عساكر (15/748) . [3] انظر صحيح مسلم (1/530) . [4] نصب الراية (2/106-107) .
اسم الکتاب : موقف الإمامين البخاري ومسلم من اشتراط اللقيا والسماع في السند المعنعن بين المتعاصرين المؤلف : الدريس، خالد الجزء : 1 صفحة : 352